الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آداب طالب العلم وخصائص العالم الرباني

السؤال

كيف تأخذ العلم من العالم؟ وكيف تعرف العالم الربّاني؟ وكيف يمكن أن يكون موثوقا به؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد صنف العلماء قديما وحديثا في كيفية تلقي العلم عن العلماء واشترطوا ليكون الأخذ نافعا شروطا، ونحن نجملها بدون أدلتها طلبا للاختصار:
1ـ إخلاص النية لله تعالى.

2ـ تقوى الله عز وجل.

3ـ العمل بالعلم.

4ـ الصبر والتحمل.
5ـ أن لا يمنعه خجله من السؤال.

6ـ التواضع والسكينة ونبذ الخيلاء والكبر.

7ـ الهمة في طلب العلم.
8ـ اختيار الصاحب.

9ـ التفرغ والمحافظة على الأوقات.

10ـ احترام العلماء من غير تقديس، واتباعهم من غير تعصب.
11ـ رحابة الصدر في مسائل الخلاف.

12ـ التأدب مع الشيخ المربي والمعلم.

13ـ مذاكرة العلم وكتابة ما استفاده.
14ـ الدعوة إلى الله تعالى والاجتهاد في نشر العلم.

فمن تحلى بهذه الخصال ضبط العلم وحفظه وكان من أحسن الناس أخذا له وأداء.

أما جواب السؤال الآخر: فالعالم الرباني الموثوق: هو من اجتمعت فيه الصفات التالية: العلم والعمل به، والفقه، والحكمة وتعليم الناس وتربيتهم، المصلح البصير بأمور الناس وما يصلحهم، إضافة إلى ما يشترط من شروط في عامة العلماء ولكننا ذكرنا ما يختص بالرباني تقيدا بمحل السؤال: وتتضح الصفات المختصة بالرباني من العلماء ببيان حقيقة العالم الرباني، قال الإمام البخاري: َقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ {آل عمران: 79} حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ، وَيُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ العِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ.

قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري: والربّاني: هو المنسوب إلى من كان بالصفة التي وصفتُ، وكان العالم بالفقه والحكمة من المصلحين، يَرُبّ أمورَ الناس، بتعليمه إياهم الخيرَ، ودعائهم إلى ما فيه مصلحتهم، وكان كذلك الحكيمُ التقيُّ لله، والوالي الذي يلي أمور الناس على المنهاج الذي وَليه المقسطون من المصْلحين أمورَ الخلق، بالقيام فيهم بما فيه صلاحُ عاجلهم وآجلهم، وعائدةُ النفع عليهم في دينهم، ودنياهم كانوا جميعًا يستحقون أن يكونوا ممن دَخل في قوله عز وجل: ولكن كونوا ربانيين... فالربانيون إذًا، هم عمادُ الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا.

وفي بيان الفرق بين مطلق العالم وبين العالم الرباني قال ـ رحمه الله: الأحبارَ: هم العلماء، والرباني: الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم.

وقال الإمامُ ابن القيم رحمه الله: ومعنى الرَّبانيِّ في اللغة: الرَّفيع الدرجة في العلم، العالي المنزلة فيه... قال ابن عباس: حكماء فقهاء، وقال أبو رزين: فقهاء علماء، وقال أبو عمر الزاهد سألتُ ثعلبا عن هذا الحرف وهو الرباني، فقال: سألتُ ابن الأعرابي، فقال: إذا كان الرجل عالما عاملا معلما قيل له هذا رباني، فإن خرم عن خصلة منها لم نقل له رباني.

فإذا تأملت هذه الخصال تبين لك العالم الرباني الموثوق من سواه، وعرفت أن أرباب هذه الخلال أندر من الكبريت الأحمر في عالم الناس اليوم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني