الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الطريقة الأفضل لدراسة الفقه؟

السؤال

سؤالي عن كيفية دراسة الفقه، فقد سمعت أحد الشيوخ يقول: إن الطريقة الأفضل أن يدرس النص، ثم فتاوى الصحابة، ثم التابعين، وهكذا... لا العكس، كما هو حاصل الآن، فكيف أحفظ مع كثرة الأقوال وأصحابها؟ وما هي أفضل الكتب؟ وما هي أفضل الطرق لقراءتها؟ أريد تفصيلًا مطولًا؛ لأنني قرأت معظم الفتاوى في هذا الموضوع.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى من يريد دراسة العلوم الشرعية أن يستحضر نية العبادة، ويخلصها لله تعالى؛ لأن طلب العلم عبادة شرعية عظيمة؛ لذلك يجب أن يكون طلبه ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، لا من أجل مباهاة الأقران، أو الحصول على شيء من حطام الدنيا، يقول العلامة محمد العاقب بن مايابى الجكني الشنقيطي -رحمه الله-:

من طلب العلم احتسابًا وابتغا رضى الجليل فاز بالذي ابتغى
ومن به نهج المباهاة سلــك وظن نفسه على خير هلك
وذم طالب الدنا بالقيـس على مهاجر لأم قيـس.

فإذا صلحت النية وسلم المقصد، فعلى طالب العلم أن يقوي عزيمته، ويتفرغ لطلب العلم ما أمكن مستعينًا بالله تعالى، مبتعدًا عن كل ما يشغله عن ذلك، مجتنبًا ما نهى الله تعالى عنه؛ لأن ذلك معين على الحفظ والفهم، كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله-:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي

وبالنسبة لأفضل طريقة لدراسة الفقه: فإن الطرق كثيرة ومتنوعة، وقد تناسب الشخص طريقة، ولا تناسب آخر، لكن في العموم نرى أن الطريقة الأفضل لدراسة الفقه أن يتبع الإنسان الخطوات التالية:

1ـ دراسة الفقه وفق مذهب معين من المذاهب الأربعة المعروفة، فإذا أتقنه نظر في بقية المذاهب الأخرى.

2ـ الاقتصار على متن واحد حتى ينتهي منه؛ لأن دراسة عدة متون في نفس الوقت تشتت الذهن، وتجر إلى عدم إتقان أي منها، وخير شاهد على ذلك ما نراه اليوم في مختلف الجامعات حيث يدرس الطلاب عدة مواد في نفس الوقت، وعندما يتخرجون إذا بأغلبهم تفلت منه معظم ما درس، ولبعض أهل العلم بيت مشهور في هذا المعنى، حيث يقول:

وفي ترادف الفنون المنع جا إذ توأمان اجتمعا لن يخرجا.

3ـ التدرج في المتون الفقهية فيبدأ بالأصغر، ثم الأوسط، ثم الأكبر، وهكذا.

4ـ الدراسة على يد شيخ عارف متقن للفن الذي يدرسه الطالب، ولا يستقيم ما يقوم به بعض طلاب العلم في الوقت المعاصر من الدراسة على نفسه، أو عبر المنتديات المنتشرة في الإنترنت، أو ما شابه ذلك، فهذه المنتديات رغم فوائدها الجمة، ورغم ما تزخر به من علوم نافعة، لا يصح للطالب الاعتماد عليها كليًّا في دراسته، إذ لا بد من شيخ يحل عويصات العلوم التي لا يفهمها الطالب بسرعة، ويشرح ما يشكل عليه، ثم بعد ذلك يمكنه الاستعانة بما يثق فيه منها.

5ـ الجمع بين الحفظ والفهم، فلا يهمل أيًّا منهما، وينبغي أن يبدأ بالحفظ، فيحفظ الدرس قبل أن يدرسه على شيخه، ومن الجيد أن يكون له كناش ـ دفتر ـ يدون فيه ملاحظات الشيخ، والفوائد التي تأتي على لسانه أثناء الدرس؛ كي يكررها بعد ذلك ويضبطها.

6ـ تدريس ما درسه على الشيخ، ومن المفيد في هذه المسألة أن يكون معه شخص آخر يدرس نفس المتن، فيقوم كل منهما مرة بدور الشيخ، ومرة بدور الطالب، فذلك مجرب في تثبيت المعلومات، وترسيخها في الذهن.

أما أفضل الكتب الفقهية: فلكل مذهب كتب فقهية متنوعة بين الاختصار والتطويل، وهي كثيرة يصعب التفضيل بينها بشكل دقيق، ولكن الطالب إذا جاء الشيخ، فإن الشيخ سيختار له الأنفع والأنسب له، وللمزيد من الفائدة راجع الفتويين رقم: 23156، ورقم: 2410.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني