الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وصايا للتغلب على تقنيط الشيطان للعبد

السؤال

أنا طالب في السنة الخامسة بكلية الطب، تقديري العام امتياز، وهو تقدير متوسط، أو فوق المتوسط في دفعتي الأساسية، ومن أعلى التقديرات في الدفعة التي أصبحت فيها الآن، بعدما أجّلت مرضيًا، وتخلفت بعام عن دفعتي، وشخّصني الأطباء بأني مصاب بضلالات الاضطهاد، والاكتئاب الشديد، وفي الحقيقة كان يأسًا، وفقدانًا للثقة في كل شخص، وزعزعة الثقة فيما آمنت به.
أسأل عن تجاوزاتي في المراهقة مع الأصدقاء، من مشاهدة للإباحيات، وغيرها، مما رآني أصدقائي أفعله، وغيرها من الذنوب التي تبعتها في السر، كيف التعزير؟
أعلم أنكم ترون الستر أفضل، لكن تؤرّق حياتي، فعندما أركّز في دراستي، أحصل على أعلى التقديرات، ولكن هذا التركيز لا يكون إلا نادرًا بسبب تفكيري في ذنوبي، وأمور دينية، ودنيوية، فهل سيريحني التعزير؟ وكيف؟
في آخر عام أصابني اليأس بسبب ما ذكرت في الفتوى السابقة، وكنت أنام وأستيقظ ،لا أفعل إلا مشاهدة التلفاز، والإباحيات على النت، فكيف التعزير؟ وإلى أي مدى قد يصل؟ هل قد يصل إلى قتلي؟ وأنا -والحمد لله- تبت، لكن لا أتوقف عن التفكير فيما فعلت، وعواقبه، وأريد أن أتطهر، وأريد أن أطمئن أني من الممكن أن أكون في يوم ما قدوة صالحة، ويمكن أن أكون من الصالحين، أو ممن معهم في الدنيا والآخرة، ولكن يوسوس لي دائمًا من يقول: كيف أدعو الشباب الصغار للبعد عن شيء، مارسته بعدد لا أستطيع إحصاءه؟ كيف إذا اتبعني الناس، ثم جاء أحد أعدائي، وبحث خلفي، وأخرج ذنوبي للعيان، فما العمل عندها؟ كيف أكون مع الصالحين، وقد اقترفت كل هذه الذنوب؟ لا أمل لي، وكيف أتمنى لهم زيادة النجاح، وأنا أعرف أن هذا سيجعلهم يبتعدون عني أكثر، الحمد لله دائمًا أقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلًّا) إلى آخر الآية. وأيضًا أتلو: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) الآية. لكن تعاودني الأفكار، والهموم، وأشعر بأن هناك حلًّا يغيب عني، تتوق نفسي للوصول إليه، فهل هو التعزير؟ الله أعلم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أن تستتر بستر الله، وترجو فضله، والتائب لا عقوبة عليه، وانظر الفتويين: 271102، 258412.

ونوصيك أن ترجو فضل الله، ولا تيأس من رحمته؛ ففضله واسع مدرار، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 115966، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 13277.

واجتهد في دعوة الشباب؛ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب عليه، بل نفس فعل المنكر ليس عذرًا في ترك الدعوة؛ كما بينا في الفتويين: 28171، 122786.

وتوكل على الله، والزم الخوف منه سبحانه، واعلم أن الخوف إنما ينفع إذا أدى إلى الاجتهاد في العبادة، أو حجز عن محارم الله، ولا يمدح إذا أقعد العبد عن الطاعة.

ونوصيك بملازمة الدواء، ومتابعة الطبيب، امتثالًا للأمر النبوي: تداووا عباد الله؛ فإن الله لم يضع داء، إلا وضع له دواء، غير داء واحد الهرم. رواه أحمد.

واصبر لله على مرضك، واصبر على طول فترة التداوي، وارج فضل الله، واعلم أن لله على عبده في مرضه نعمًا وفضلًا، بينا شيئًا منها في الفتوى رقم: 211627.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني