الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأعمال التي يوفى عاملُها أجرَه بغير حساب

السؤال

كل عام وأنتم بخير ومبارك شهر رمضان، وندعو الله أن يتقبل الصيام والقيام وصالح الأعمال، وأن يعيده علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات.
وسؤالي في هذه المناسبة: ما هي الأعمال التي وردت في الكتاب والسنة والتي ليس لها حساب عند الله مثل الصبر والصيام؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي كتاب الله عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}.

وهذا يشمل جميع أنواع الصبر، ومنه الصيام، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره: «والصوم نصف الصبر».

ولذلك سمى النبي صلى الله عليه وسلم رمضانَ شهرَ الصبر، كما في الحديث: «صومُ شهرِ الصبر، وثلاثةِ أيام من كل شهر: صومُ الدهر»، وفي الآخر: «صُمْ شهرَ الصبر رمضان». رواهما الإمام أحمد وغيره.

وجاء في الحديث: «الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر»، رواه أحمد والترمذي وابن خزيمة في صحيحه.

وقد بوب عليه ابن خزيمة بقوله: [باب ذكر البيان أن الصيام من الصبر على ما تأولتُ خبر النبي صلى الله عليه وسلم]. اهـ.

وذلك لأن الصائم يصبر عن الطعام والشراب والشهوة واللغط والرفث والصخب وقول الزور والعمل به، فيصبر عن المباحات كما يصبر عن المحرمات، كما في حديث أبي هريرة: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي».

قال ابن خزيمة: [باب ذكر إعطاء الرب عز وجل الصائم أجره بغير حساب؛ إذ الصيام من الصبر، قال الله عز وجل: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}]. اهـ. ثم ذكر حديث أبي هريرة: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله: إلا الصيام، فهو لي، وأنا أجزي به؛ يدع الطعام من أجلي، ويدع الشراب من أجلي، ويدع لذته من أجلي، ويدع زوجته من أجلي».

وفي الصحيحين: «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم».

وفي البخاري: «من لم يدع قولَ الزور والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجةٌ أن يدع طعامه وشرابه».

فكان الصيام مشتملاً على نصف الصبر.

وقد بينا معنى قوله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}، في الفتوى رقم: 41428، فراجعها وما أحيل عليه فيها، لتعرف الأعمال التي تشملها الآية في الجملة.

ولم نجد في الكتاب والسنة من الأعمال ما يوفى عاملُه أجرَه بغير حساب إلا الصبر وما دخل فيه وتضمنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني