الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة استماع من لم يتفقه في دينه لأصحاب الشبهات

السؤال

أشكركم كثيرا على هذا الموقع الرائع، والذي كان سببا كبيرا في تقربي أكتر لديني ولله ولهدوء نفسي. والحمد لله.
سؤالي هو: استمعت لبعض كلام التنويريين، وكان الكلام خاصة عن ملك اليمين، وفي داخلي شعرت باقتناع بكلامهم، ولكن علمي بالدين ليس بعميق، فلا أستطيع أن أحكم حكما على كلامهم إن كان صحيحا أم مجرد كلام معسول يعجب من يسمعه فيصدقه.
فكرت أن أصلي استخارة، ولكن إن كان كلامهم افتراء على الدين فاتباعه بالطبع سيكون حراما، وعلى حسب علمي لا يجوز الاستخارة في أمر أصلا حرام.
ماذا أفعل؟ هل يجوز صلاة الاستخارة في هذا الحالة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. وهذا الأثر يبين نهج الصواب في طلب العلم، فلا يؤخذ إلا من أهل العلم الثقات المعروفين بالديانة واتباع السنة ومجانبة البدعة، ويتأكد ذلك في حق المبتدئين في الطلب، ولذلك فأول ما ننبه الأخ السائل عليه هو الخطأ والخطر الذي عرض له نفسه باستماعه في مسائل الدين لمن ليس بأهل لذلك! وهو بعدُ لا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ في مثل هذه المسائل، كما قال عن نفسه: "علمي بالدين ليس بعميق" فكيف يأخذ بالحق ويطلب العلم ممن يحتمل أن يكون: "كلامهم افتراء على الدين" على حد وصفه.
ولذلك فإنا نوصيه بالإعراض عن أمثال هؤلاء، والتوجه لأهل العلم الراسخين يتعلم منهم ويسألهم عما يشكل عليه.
وأما صلاة الاستخارة فلم تشرع لمثل هذه الحال المذكورة في السؤال، وإنما المشروع فيها هو ما أمر الله به في قوله سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، قال السعدي: الآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين أصوله وفروعه، إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها، ففيها الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم... اهـ.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني. والعِيُّ هو التحير والجهل. قال ابن عبد البر في (التمهيد): يلزم كل مؤمن ومؤمنة إذا جهل شيئا من أمر دينه أن يسأل عنه اهـ.
وقد سبق أن نبهنا على أن الأحكام الشرعية لا تجري فيها الاستخارة، ولا يستفاد العلم بها منها، بل طريق العلم بالحكم الشرعي بالنسبة للعامي يكون بسؤال أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 121897.
وأما الحال التي يمكن أن يستعان بصلاة الاستخارة فيها على معرفة الأقرب للصواب من أقوال أهل العلم، فهي مسائل الخلاف السائغ المعتبر، إذا تساوت الأقوال في قوة الأدلة، ولم يعد للمرء من أدوات الترجيح شيء، بعد بذل الجهد والوسع، فحينئذ تشرع الاستخارة، وراجع في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 239518، 51265، وقد سبق لنا بيان الأمور التي تشرع لها الاستخارة بصفة عامة، وذلك في الفتويين التالية أرقامهما: 79239، 72651.
وأخيرا ننبه السائل الكريم على أن بعض المسائل المتعلقة بملك اليمين قد شوش فيها كثير من المستشرقين وأتباعهم من المستغربين، بجهل أحيانا، وبمكر أحيانا، وقد سبق لنا تناول بعض هذه المسائل، كما في مسألة: الحكمة من عدم منع الإسلام مسألة السبي في الحروب، وراجع فيها الفتوى رقم: 184849، وتجد فيها ذكر بعض الكتب المتخصصة في هذا الموضوع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني