الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الفرق بين تسويف التوبة وإضمار التوبة قبل فعل المعصية؟

السؤال

ما الفرق بين التسويف في التوبة والذي يضمر التوبة قبل فعل المعصية: أي ينوي التوبة قبل فعل المعصية؟ وهل من توبة للمسوّف في التوبة والذي يضمر التوبة قبل فعل المعصية على فرض أنه بقي حيًّا؟ ففي الفتاوى عندكم قلتم للسائل: عليك باﻹعراض الكلي، ولم تجيبوه عن الشطر الثاني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلعلك تقصد بتسويف التوبة تأخيرها بعد حصول موجبها، كمن يفعل ذنبًا معينًا ويؤخر التوبة منه، وأما إضمار التوبة بعد فعل الذنب، فهو كمن يعزم على فعل ذنب معين، وينوي أنه متى عمله تاب إلى الله منه؛ فعلى هذا؛ فالفرق بينهما واضح من حيث التصور.

وأما من حيث الحكم؛ فلا فرق؛ لأن كلا الأمرين محرم، فالتوبة واجبة على الفور، وتأخيرها ذنب، يحتاج إلى توبة، كما أن العزم على فعل المعصية ذنب، وإن كان الشخص ينوي التوبة من تلك المعصية بعد فعلها، ومسوف التوبة ومضمر التوبة بعد الذنب لا يأمنان أن يطبع الله على قلوبهما بسبب ذنوبهما، فلا يمكنان من التوبة، ولا يأمنان أن يدركهما الموت قبل فعل ما نويا من التوبة، ولكن إن تاب هذا المسوف وهذا الذي أضمر التوبة -ولو بعد فعل الذنب- توبة نصوحًا، مستوفية لشروطها: من الإقلاع، والعزم على عدم معاودة الذنب، والندم على فعله، ورد الحق لمستحقه إن كان الذنب متعلقًا بحق آدمي فإن توبتهما مقبولة، فإنه ما من ذنب إلا والتوبة النصوح منه مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها، ويعود هذا الشخص كمن لم يذنب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.

فلا فرق في قبول التوبة النصوح المستجمعة لشروط التوبة بين من كان ناويًا التوبة قبل فعل المعصية، وبين غيره من مسوّفي التوبة، وقد سئل ابن عثيمين: شخص نوى أن يفعل معصية ونوى في نفس الوقت بأنه إذا انتهى من فعل هذه المعصية أن يتوب إلى الله، هل تقبل هذه التوبة أم لا؟

فأجاب: إذا فعل المعصية بهذه النية، فإن هذه النية لا تنفعه، ولا تخفف عنه من عقوبة المعصية، لكن إذا فعل المعصية ثم تاب توبة نصوحًا، قبلها الله عز وجل؛ لقول الله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم. اهـ.

وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 188067.

هذا، ولم ندر على وجه التحديد ماذا تقصد بقولك: في الفتاوى عندكم قلتم للسائل: عليك باﻹعراض الكلي، ولم تجيبوه عن الشطر الثاني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني