الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تقليل المشتري من ثمن السلعة المستعملة لاضطرار مالكها إلى بيعها

السؤال

ما حكم من يشتري شيئا مستعملا فيقلل ثمنه إلى النصف أو أقل بحجة أنه مستعمل، بصرف النظر عن حالته، كغرفة بحالة جيدة جدا، ويمكن أن تكون غير قديمة...؟ وهل هذا حلال؟ وإذا كان صاحبه باعه بهذا السعر مضطرا لاحتياجه المال أو للتجديد، فهل هذا من أكل أموال الناس بالباطل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشرع قد جاء بالحض على السماحة في البيع والشراء، ففي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى.

جاء في شرح ابن بطال: فيه: الحض على السماحة وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة في البيع، وذلك سبب إلى وجود البركة فيه، لأن النبي عليه السلام لا يحض أمته إلا على ما فيه النفع لهم في الدنيا والآخرة، فأما فضل ذلك في الآخرة: فقد دعا عليه السلام بالرحمة لمن فعل ذلك، فمن أحب أن تناله بركة دعوة النبي عليه السلام فليقتد بهذا الحديث ويعمل به. اهـ.

وفي الإفصاح لابن هبيرة: ووجه هذا أن المشاحة في البيع والشراء أمارة على البخل، ودليل على الشح، ولا سيما مع الإخوان من المسلمين، الذين ينبغي إيثارهم بالشيء، وتقتضي المروءة إعطاءهم بلا ثمن، فإذا باعهم بثمن فلا أيسر من أن يقف على أنه سيكون سمحا بائعا، وسمحا مشتريا، وسمحا متقضيا. اهـ.

وأما من جهة الإباحة والتحريم: فمادام البائع عالما بالأسعار ليس بجاهل، وباع ما يملك باختياره ورضاه بذلك الثمن، وإن عن احتياج للمال أو رغبة في التجديد ونحو ذلك, فلا إثم على المشتري في أن يساومه بأي ثمن مهما كان قليلا، وإنما المحرم هو الخداع والغش، والتغرير بالجاهل الذي لا يعرف، قال ابن عثيمين: الربح الذي يكتسبه البائع ليس محددا شرعا، لا في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في إجماع أهل العلم، ولا علمنا أن أحدا حدده غاية ما في ذلك أن بعضا من أهل العلم لما ذكروا خيار الغبن قالوا إن مثله أن يغبن بعشرين في المائة أي بالخمس، ولكن مع هذا ففي النفس منه شيء، فإن التحديد بالخمس ليس عليه دليل أيضا، فعلى كل حال فإننا نقول إنه لا حد للربح لعموم قوله تعالى: وأحل الله البيع ـ وعموم قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ـ فمتى رضي المشتري بالثمن واشترى به، فهو جائز، ولو كان ربح البائع فيه كثيرا، اللهم إلا أن يكون المشتري ممن لا يعرفون الأسعار غريرا بالقيم والأثمان، فلا يجوز للبائع أن يخدعه، ويبيع عليه بأكثر من ثمن السوق. اهـ.

ثم ذكر الخلاصة قائلا: لا بأس أن يأخذ ما شاء من الربح إلا إذا كان يربح على إنسان جاهل غرير لا يعرف، فهذا حرام عليه أن يربح عليه أكثر مما يربح الناس في هذه السلعة. اهـ. باختصار من فتاوى نور على الدرب.

وراجعي الفتوى رقم: 156255.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني