الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى: "تغريب عام" في حد زنا البكر

السؤال

في حد زنا البكر تغريب عام، فما معنى: تغريب عام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمعنى التغريب هو النفي من البلد، فالواجب في حد الزاني البكر أن يجلد مائة، وينفى من بلده إلى بلد آخر، يبعد عن بلده مسافة قصر فأكثر، لمدة سنة.

وللعلماء في هذا التغريب خلاف، وتفصيله كما في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن حد البكر الزاني مائة جلدة؛ للآية: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ـ واختلفوا في نفيه الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم لرجل زنى ابنه: وعلى ابنك جلد مائة، وتغريب عام ـ ولهم في ذلك ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن التغريب جزء من حد الزنى، وهو واجب في الرجل والمرأة، فيبعدان عن بلد الجريمة إلى مسافة القصر، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، وزاد الشافعية: أنه إذا خيف إفساد المغرب غيره، قيد، وحبس في منفاه.

القول الثاني: إن التغريب جزء من حد الزنى أيضًا، وهو واجب في الرجل دون المرأة، فلا تغرب خشية عليها، وينبغي حبس الرجل وجوبًا في منفاه، وهذا مذهب المالكية، والأوزاعي؛ للمنقول عن علي ـ رضي الله عنه ـ وقال اللخمي من أصحاب مالك: إذا تعذر تغريب المرأة، سجنت بموضعها عامًا، لكن المعتمد الأول.

القول الثالث: إن التغريب ليس جزءًا من حد الزنى، بل هو من باب السياسة والتعزير، وذلك مفوض إلى الحاكم، وهذا مذهب الحنفية، واستدلوا بقول عمر ـ رضي الله عنه ـ بعد أن نفى رجلًا ولحق بالروم: لا أنفي بعدها أبدًا، وبقول علي -رضي الله عنه-: كفى بالنفي فتنة ـ وقالوا: إن المغرب يفقد حياءه بابتعاده عن بلده ومعارفه، فيقع في المحظور، لكن إذا رأى الحاكم حبسه في بلده مخافة فساده، فعل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني