الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إعطاء الوارث من زكاة مورثه

السؤال

والدي متوفى، ولم يكن يزكي كامل المبلغ -حسب علمي- في السنوات الأخيرة، علما أنه يسحب من الرصيد.
هل يجوز أن أزكي تقديرا؟ وهل تصرف الزكاة لأمي وأختي، علما أنه لا يوجد دخل جيد لهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان عدم إخراج أبيك زكاة ماله أمرا مشكوكا فيه، ولم تكن متيقنا من ذلك، فالأصل حمل أمره على السلامة، وألا يظن به السوء، ومن ثم فلا يلزمكم شيء، وتنظر الفتوى: 380797.

وأما إن كنت متيقنا من كونه لم يخرج زكاة ماله، فالواجب إخراج ما عليه من الزكاة قبل قسمة الميراث، فإن علمتم مقدار ما يلزمه بيقين، فيلزمكم إخراجه، ثم تقسمون ما بقي من التركة، وإن لم يعلم ذلك بيقين، فإنكم تعملون بالتحري، فتخرجون ما يحصل لكم معه غلبة الظن ببراءة ذمة أبيكم؛ لأن هذا هو ما تقدرون عليه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وتنظر الفتوى: 294226.

وأما صرف زكاة ماله لزوجته وابنته: فإن كانت حصصهم من التركة تخرجهم عن وصف المسكنة، فإنهما لا يعطيان من الزكاة. وأما إن كانا يعطيان لدفع دين لزمهما، فهذا جائز على الصحيح، ولتنظر الفتوى: 121017.

وأما إعطاؤهما بوصف الفقر من زكاة مورثهما، فقد اختلف فيه الفقهاء.

قال الروياني الشافعي في بحر المذهب: فروع ذكرها القاضي الإمام الحسين -رحمه الله- قال: لو اجتمعت على رجل زكوات فمات. فهل للإمام صرفها إلى أقربائه الفقراء؟ إن كانوا ممن يجوز له صرفها إليهم في حال حياته، فيجوز، وإلا فلا يجوز، قلت: ويحتمل أن يقال يجوز ذلك؛ لأن شبهة استحقاق النفقة هي غير موجودة، ولأن له في حياته أن يعطيه سهم الغارمين والغزاة. انتهى. وظاهر قول الحنابلة المنع من الأخذ والحال هذه.

قال ابن رجب الحنبلي في قواعده: وَيَتَّصِلُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَاعِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: إذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ اسْتِحْقَاقٌ بِجِهَةٍ خَاصَّةٍ كَوَصِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَمِيرَاثٌ وَاسْتِحْقَاقٌ بِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالْجِهَةِ الْخَاصَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. انتهى.

ويظهر من كلام الشيخ ابن عثيمين اختياره المنع، فإنه سئل في لقاء الباب المفتوح عن: رجل توفي عن زوجة وأولاد بنين وبنات. وتبين أن لهذا المال زكاة. فهل يجوز أن يأخذ أحد أبناء البنات من هذا المال للزواج؟

فأجاب بقوله: أبناء البنات ما يرثون، فليس لهم ميراث. السائل: يرثون أمهم. الشيخ: أمهم ما ماتت. السائل: والزكاة الشيخ: فيجوز أن نعطيهم من الزكاة، من زكاة الميت. السائل: لأنه لم يخرج هذه الزكاة، أنا أقصد قد تكون الزكاة للأبناء وللزوجة؟ الجواب: لا هم الورثة الآن، هم مقتنعون أنهم سيخرجون الزكاة على كل حال، فيكون هل نعطيها أولاد البنات أم لا؟ نقول: ما في ذلك بأس. انتهى.

والحاصل أن في الدفع إليهم بوصف الفقر خلافا، والأحوط عدم الدفع إليهم خروجا من هذا الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني