الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدب الطالب مع شيخه ومعلمه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي الطريقة المؤدبة في طرح الأسئلة لطلاب العلم الذين يستفتون مشايخهم؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنالك آداب عامة وآداب خاصة ينبغي لطالب العلم أن يتحلى بها في حضرة شيخه وحال مخاطبته إياه مستفسراً أو مخبراً أو غير ذلك، ومن تلك الآداب العامة ما نقله الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين وأسنده إلى علي رضي الله عنه قال: قال علي رضي الله عنه إن من حق العالم أن لا تكثر عليه بالسؤال، ولا تعنته في الجواب، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفشي له سراً، ولا تغتابن أحداً عنده، ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره وتعظمه لله تعالى ما دام يحفظ أمر الله تعالى ولا يقصد به الرياسة والمال والجاه ومماراة السفهاء ومباهاة الأقران. انتهى.

فهذه جملة من الآداب العامة تلزم الطالب مع شيخه عند السؤال وغيره ولا يعني ذلك أن يقبل منه كل ما يبدي إذا خالف الحق ولكن يرد عليه رداً جميلاً، قال أحمد بن محمد المقري التلمساني في نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ومخالفة التلميذ الشيخ في بعض المسائل إذا كان لها وجه وعليها دليل قائم يقبله غير الشيخ من العلماء ليس من سوء أدب التلميذ مع الشيخ، ولكن مع ملازمة التوقير الدائم والإجلال الملائم فقد خالف ابن عباس عمر وعليا وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم وكان قد أخذ عنهم، وخالف كثير من التابعين بعض الصحابة وإنما أخذوا العلم عنهم، وخالف مالك كثيراً من أشياخه، وخالف الشافعي وابن القاسم وأشهب مالكا في كثير من المسائل.

وقال الغزالي في الإحياء في باب أدب المتعلم: الوظيفة الثالثة أن لا يتكبر على العلم، ولا يتأمر على معلم بل يلقى إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ويذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق.

فالذلة بين يديه وعلى بابه عزة؛ ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما كما نقل عنه الغزالي: ذللت طالبا فعززت مطلوبا. ومن آداب السؤال للمعلم كما ذكر الغزالي: التواضع وإلقاء السمع، قال الله تعالى: إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ومعنى كونه ذا قلب أن يكون قابلاً للعلم فهما، ثم لا تعينه القدرة على الفهم حتى يلقى السمع وهو شهيد حاضر القلب ليستقبل كل ما ألقي إليه بحسن الإصغاء والضراعة والشكر والفرح وقبول المنة.

ومنها أيضاً حسنه وبيانه فحسن السؤال نصف الجواب كما قال أهل العلم، وأن يكون قصده منه التعلم لا المماراة والجدل، ففي الحديث: من طلب العلم ليجاري به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار. رواه الترمذي وحسنه الألباني، ومنها ألا يكون ثرثاراً متفيهقا متشدقاً، وألا يتتبع غوامض المسائل وأوابدها من غير حاجة ألمت به ونازلة حلت به. وهنالك آداب أخرى يحددها العرف أقوالاً أو أفعالاً ينبغي مراعاتها والالتزام بها ما لم تخالف أمر الشارع لأنها حينئذ يجب أن تنبذ، كما قال محمد مولود الشنقيطي:

والعرف إن خالف أمر الباري * وجب أن ينبذ بالبراري

إذ ليس بالمعيد جري العيد * بخلف أمر المبدء المعيد

هذه جملة من الآداب التي ينبغي لطالب العلم مراعاتها بين يدي معلمه وعند مخاطبته إياه. وللاستزادة انظر كتاب بكر بن أبي زيد حلية طالب العلم ونحوه من الكتب المؤلفة في هذا المقام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني