الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الناس بالنسبة لرخص السفر ثلاثة أقسام

السؤال

ما القول الراجح في تقسيم المسافر إلى مسافر يترخص بجميع رخص السفر، ومسافر مقيم يترخص ببعض أحكام السفر، ومستوطن، هل هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية أم جمهور العلماء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا التقسيم الذي ذكرته في سؤالك هو مذهب أكثر أهل العلم, حيث قسموا الناس ـ بالنسبة للسفر والإقامة ـ إلى ثلاثة أقسام: مسافر يتمتع بكافة رخص السفر من قصر, وفطر وغيرها، ومستوطن يجب عليه ما يجب على المقيم, ويحرم عليه الترخص برخص السفر كلها، ومسافر أقام أربعة أيام أثناء سفره, فهذا تجب عليه الجمعة ولا تنعقد به, ولا يترخص برخص السفر, وهذا التقسيم مخالف لمذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.

جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين متحدثًا عن المسافر المقيم أربعة أيام : فالأصل أن المسافر إذا أقام في البلد، أو في المكان غير البلد أن إقامته تقطع السفر، ولكن سمح في الأيام الأربعة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقامها وقصر، فيبقى ما زاد عليها على الأصل، وهو المنع من الترخص، ووجوب الإِتمام، وامتناع المسح على الخفين أكثر من يوم وليلة، ومنع الإِفطار في رمضان، فجميع أحكام السفر تنقطع إلا حكمًا واحدًا فإنه يبقى وهو صلاة الجمعة، فإن صلاة الجمعة تلزم هذا الرجل كغيره, ولا يصح أن يكون إمامًا فيها، ولا خطيبًا، ولا أن يتم به العدد، فصار مسافرًا من وجه، مقيمًا من وجه، ففي الجمعة ليس من المقيمين؛ لأنه لا تنعقد به الجمعة، ولا يصح أن يكون إمامًا فيها ولا خطيبًا، ولا تسقط عنه، بل تجب عليه، وفيما عدا ذلك حكمه حكم المقيم، هذا تعليل كلام المؤلف .... إلى أن قال : وبناء على هذا القول ينقسم الناس إلى: مسافر، ومستوطن، ومقيم غير مستوطن، فالمسافر أحكام السفر في حقه ثابتة، والمستوطن أحكام الاستيطان في حقه ثابتة، ولا يستثنى من هذا شيء، والمقيم غير المستوطن تثبت في حقه أحكام السفر من وجه، وتنتفي من وجه آخر، لكن هذا التقسيم يقول شيخ الإِسلام: إنه ليس عليه دليل، لا من الكتاب، ولا السنّة. انتهى

وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: فقد تضمنت هذه الأقوال تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام: إلى مسافر، وإلى مقيم مستوطن، وهو الذي ينوي المقام في المكان، وهذا هو الذي تنعقد به الجمعة، وتجب عليه، وهذا يجب عليه إتمام الصلاة بلا نزاع، فإنه المقيم المقابل للمسافر، والثالث مقيم غير مستوطن أوجبوا عليه إتمام الصلاة والصيام، وأوجبوا عليه الجمعة، وقالوا: لا تنعقد به الجمعة، وقالوا: إنما تنعقد الجمعة بمستوطن، وهذا التقسيم - وهو تقسيم المقيم إلى مستوطن، وغير مستوطن - تقسيم لا دليل عليه من جهة الشرع، ولا دليل على أنها تجب على من لا تنعقد به؛ بل من وجبت عليه انعقدت به. انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء - المالكية، والشافعية، والحنابلة - إلى أن من شروط صحة صلاة الجمعة الاستيطان، فلا تصح الجمعة بالمسافر، ولا تنعقد به، أي: لا يكمل به نصابها، وذهب الحنفية إلى انعقاد الجمعة بالمسافر. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 193377.

ولا شك أن مذهب الجمهور هو الراجح في هذه المسألة.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني