الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في جمع الصلوات وقصرها في السفر

السؤال

أولا بارك الله فيكم على مجهودكم الرائع.
لدي استفسار -أكرمكم الله- وهو بخصوص جمع وقصر الصلاة للمسافر.
أنا فلسطينية من غزة، سافرت في البداية إلى مصر لمدة أسبوعين، ومنها إلى تركيا، والنية كانت أن أترك تركيا مع زوجي، ونسافر كلاجئين إلى بلد أوروبي.
ما حصل هو أن الفتاوى التبست علي، وفهمتها خطأ، كما اتضح لي اليوم. فقد كنت أعتقد أنه إذا لم تكن لنا نية للاستقرار المطلق في بلد ما، فيجوز لنا الجمع والقصر ما دمنا فيه.
وأصبحت أجمع الصلاة وأقصرها منذ شهرين؛ لأن الظروف تغيرت، واضطررنا للمكوث في تركيا فترة لا نعلم متى تنتهي الآن.
أشعر بالحزن الشديد على صلاتي الخاطئة طيلة شهرين، ولا أدري ماذا أفعل الآن؟
بدأت اليوم بالصلاة بدون جمع أو قصر، بعد أن نبهتني أخت فاضلة، ولكن ماذا أفعل في الصلاة التي جمعتها وقصرتها طيلة شهرين؟
أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في الجمع والقصر للمسافر الذي يقيم في مكان أكثر من أربعة أيام، وانظري أقوالهم في ذلك في الفتوى رقم: 5891.
ولا شك أن عدم الجمع، وأداء كل صلاة في وقتها، أفضل إذا لم تكن هناك ضرورة، أو حاجة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -وهو ممن ذهب إلى أن للمسافر الأخذ برخص السفر من القصر والجمع ما لم ينو الاستيطان، أو الإقامة المطلقة، سواء نوى إقامة أربعة أيام، أو أقل، أو أكثر-

قال في مجموع الفتاوى: وَفِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ. اهـ.

وكذلك إتمام الرباعية أفضل أيضا للمسافر الذي يقيم في مكان أكثر من أربعة أيام، خروجا من خلاف العلماء، وقول كثير منهم بوجوب الإتمام.

قال ابن تيمية في الفتاوى: وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ -من أربعة أيام- فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ. اهـ.
لذلك ننصحك في المستقبل بعدم القصر، وبأداء كل صلاة في وقتها ما أمكنك ذلك.
وأما ما فعلت من الصلوات جمعا وقصرا طيلة المدة المذكورة، بناء على ما فهمت من الفتاوى، أو على قول بعض أهل العلم، فلا حرج عليك فيه -إن شاء الله تعالى- ولا تلزمك إعادتها، بناء على قول بعض أهل العلم بصحة الصلاة -كما رأيت في الفتوى المشار إليها- وهو قول معتبر؛ لقوة دليله، وإن خالف مذهب كثير من العلماء؛ فإن الأخذ بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل، ومشقة التدارك، مما سوغه كثير من العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 125010.
هذا، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يرشدكم لما فيه صلاح دينكم ودنياكم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني