الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخراج الزكاة من التركة بعد موت المورث

السؤال

والدي لا يدفع زكاة ماله بل يتصدق بين الفينة والأخرى وأنا جازم أن ما يتصدق به أقل بكثير مما يتوجب عليه من الزكاة وهو يأخذ الفوائد الربوية وأيضا ينوي أن يأخذ الخلو لعيادته التي لا يمتلكها وأنا أعلم أن هذا الخلو حرام وقد حاولت نصحه كثيراً، ولكن دون فائده فهل يجوز لي بعد وفاته أطال الله في عمره أن أحسب زكاته التي لم يدفعها طول السنين الماضية وقيمة الخلو وما أعتقد أنه حرام في ماله وأسدده من التركة بالاتفاق مع إخوتي، وهل هذا يسقط عنه ما لم يؤده في حياته؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ترك إخراج الزكاة مع إنكار وجوبها كفر بإجماع أهل العلم، ومن لم ينكر وجوبها وامتنع من إخراجها بعد الوجوب فقد ارتكب معصية شنيعة، وهو على خطر عظيم إن لم يمن الله عليه بالهداية والتوفيق، والزكاة لا تسقط بعدم إخراجها في وقتها، وبالتالي فمن مات ولم يخرجها مع الوجوب وجب إخراجها من تركته قبل قسمها، وتخرج عن جميع السنين التي لم تخرج فيها، فإن تعذر ضبط ذلك وجب إخراج المتيقن، وإن كان جميع الورثة من أهل التبرع فالأفضل الاحتياط في ذلك.

وأخذ بدل الخلو يجوز في بعض الحالات ويحرم في في بعضها، فإن كان محرما فالواجب رده من التركة إلى صاحبه إن كان معروفاً وإلا تصدق به، كما أن الفوائد الربوية محرمة ولا يجوز تملكها، ومن مات بعد أخذها فيخرج من تركته قدرها ثم يصرف في بعض وجوه الخير ككفالة الأيتام وبناء المستشفيات ونحو ذلك، وإن جُهل قدرها أخرج مثلها بالاجتهاد.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزكاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثالث منه بعد الشهادتين وإقامة الصلاة، ومنكر وجوبها كافر بإجماع أهل العلم. ومن لم ينكر وجوبها وترك إخراجها بعد الوجوب فقد ارتكب معصية شنيعة وهو على خطر عظيم إن لم يمن الله تعالى عليه بالتوبة والتوفيق لأدائها. وبناء عليه، فالواجب المواظبة على نصح أبيك بضرورة إخراج زكاته وخطورة تركها، ويمكنك الاستعانة في ذلك ببعض أصدقائه أو إمام مسجد حيه مثلاً. مع ضرورة تذكيره بكون ما يخرجه بنية الصدقة لا يجزئ عن الزكاة، والأجدر به تقديم الزكاة الواجبة بدلاً من صدقة التطوع إضافة إلى نصحه بخطورة أخذ الفوائد الربوية أو بدل الخلو إذا كان محرماً، فإن لم يمتثل وتحققتم من كونه لم يخرج ما وجب عليه من زكاته حتى مات، فإن الزكاة لا تسقط عنه بل يجب إخراجها من التركة قبل قسمها، وتكون عن جميع السنين الماضية التي لم تُخرج فيها، فإن تعذر عليكم ضبط عددها فأخرجوا ما تيقنتم بقاءه في الذمة، وإن كان الورثة كلهم من أهل التبرع وقمتم بالاحتياط فذلك أبرأ لذمة أبيكم. وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 15523، والفتوى رقم: 55294.

وأخذ ما يسمى ببدل الخلو له حالات يجوز في بعضها ويحرم في البعض الآخر، وقد سبق تفصيل هذه الحالات في الفتوى رقم: 9528.

وبالتالي، فإذا كان أخذُ بدل الخلو محرما وجب رده من التركة إلى صاحبه إن كان معروفاً وإلا تصدقتم به، كما أن الفوائد الربوية محرمة لا يجوز تملكها ولا الانتفاع بها، وبالتالي فإذا تحققتم من مقدارها فقوموا بصرفه في وجوه الخير ككفالة الأيتام مثلاً وبناء المستشفيات ونحو ذلك، وإن تعذر معرفة قدرها فاجتهدوا في إخراج ما يماثلها، وراجع الفتوى رقم: 9616، والفتوى رقم: 3519.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني