الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا مقيم خارج بلادي ودرجت حكومتنا على تحصيل الزكاة منا بصفة سنوية، ولكن ليست بصورة منتظمة سنويا ولكن بحسب وجودنا هناك في إجازاتنا السنوية، وغالبا ما ينتج عن ذلك دفع الزكاة متأخرة سنة أو سنتين وربما أكثر، ولكن يتم دفعها عموما، هذا العام ونسبة لارتفاع أسعار الذهب وبالتالي ارتفاع نصاب الزكاة وقيمتها حدث هناك فرق بين ما يتم دفعه من زكاة لدولتنا ومبلغ الزكاة الفعلي بما يعادل 8 دولارات تقريبا (المدفوع أقل من الواجب دفعه شرعا)، نرجو جزاكم الله عنا وعن المسلمين ألف خير إفادتنا بما يجب فعله حتى لا نقترف أخطاء نأثم عليها؟ وبوركتم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يجوز للأخ السائل أن يؤخر الزكاة عن وقت وجوبها وهو تمام الحول لأن الزكاة واجبة على الفور على الراجح إلا إذا ترتب على ذلك ضرر على نفسه أو ماله، ومن الضرر الذي يبيح التأخير في مثل حالة السائل أن يكون إذا أخرجها عند الحول وأتى بلده بعد ذلك أخذت منه مرة ثانية، ففي هذه الحالة يجوز التأخير.

قال ابن قدامة في المغني: تجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه، والتمكن منه، إذا لم يخش ضرراً. وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: له التأخير ما لم يطالب، لأن الأمر بأدائها مطلق، فلا يتعين الزمن الأول لأدائها دون غيره، كما لا يتعين لذلك مكان دون مكان، ولنا أن الأمر المطلق يقتضي الفور... إلى أن قال: قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يحول الحول على ماله، فيؤخر عن وقت الزكاة؟ فقال: لا، ولم يؤخر إخراجها؟ وشدد في ذلك. قيل: فابتدأ في إخراجها فجعل يخرج أولاً فأولاً، فقال: لا بل يخرجها كلها إذا حال الحول. فأما إذا كانت عليه مضرة في تعجيل الإخراج، مثل من يحول حوله قبل مجيء الساعي، ويخشى إن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرة أخرى، فله تأخيرها نص عليه أحمد، وكذلك إن خشي في إخراجها ضرراً في نفسه أو مال له سواها، فله تأخيرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. ولأنه إذا جاز تأخير قضاء دين الآدمي لذلك، فتأخير الزكاة أولى. انتهى.

ثم إنه كان على الأخ السائل أن يبين ماهية الأموال التي في ملكه، وعموما نقول إن كانت الزكاة مما يقدر نصابه بنصاب الذهب كالفلوس والبضائع التجارية، فإنه لا علاقة لزكاتها بارتفاع أسعار الذهب ونزولها إلا فيما يتعلق ببلوغ النصاب أو النقص عنه حيث إنه يقدر في هذه الأموال بما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة، وإذا لم يؤد ارتفاع أسعار الذهب إلى نقص المال عن النصاب فإنه لا أثر له في مقدار المخرج من الزكاة ما دام المال بالغاً النصاب، فإذا حال الحول على المال من الأوراق النقدية أو عروض التجارة وهو يبلغ النصاب أو يزيد عليه وجبت فيه الزكاة، فإن كان عند رأس الحول أقل من النصاب بسبب ارتفاع سعر الذهب والفضة فلا زكاة فيه، وفي حال وجوب الزكاة فإن الواجب هو إخراج ربع العشر منه بغض النظر عما يساويه من الذهب والفضة، ولا يزيد هذا القدر المخرج ولا ينقص بارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه، فإذا ثبتت الزكاة في الذمة بالدولار بأن كان المال المزكى دولارات وجب إخراج ربع العشر منها، وإن ثبتت في الذمة بعملة أخرى فإن الواجب أداء ما ثبت في الذمة، فإن اعتيض عنه بغيره فيعوض عنه بما يقابله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني