الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكم من وراء ابتلاء المؤمنين

السؤال

كيف يمكن الجمع بين مسألة الابتلاء وزيادة شدته بالإيمان وبين بركة العيش للمؤمن المذكورة في النصوص التالية: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. الحديث القائل: ويبتلى المرء على قدر دينه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ {الأعراف:96}، يفيد أن بقاء الأمم مربوط بما يكون عليه حالها من الصلاح والاستقامة، وأن تدميرها وانهيارها يكون بسبب سوء سيرتها.

وقد ضرب الله الأمثال على ذلك بوضوح، قال تعالى: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ {النحل:112}، وقال تعالى: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا {الكهف:59}.

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: يبتلى الرجل على حسب دينه... الحديث. فإنه في شأن الأفراد وليس متعارضاً مع الآية الكريمة، وذلك لأن بلاء الله للمؤمنين أمر مهم لهم لا ينافي إسعاد الله لهم ولا يعارض تكريمه إياهم بأنواع التكريم، فالبلاء يكون سبباً لتكفير السيئات ورفع الدرجات، وأهل الإيمان يظلون مرتاحين صابرين ويسعون في رفعه بالصبر والدعاء والاستقامة على الطاعات، والمؤمن يعيش في سعادة ولو لم تتوفر لديه الأسباب المادية، والكافر يعيش في تعاسة وشقاء ولو كان من أغنى الناس، قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:123-124}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني