الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعتبر الأب عاضلا بمجرد رده من تقدم لخطبة بنته

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
إلى شيوخنا الأفاضل... بعد التحية والاحترام... قال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها (الروم/21)، وقال تعالى: (هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وجعلَ منها زوجهَا ليسكن إليها) الأعراف:189)، والرسول صلى الله عليه وسلم حثَّ على الزواج ورغبَ فيه فقال: (يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر, وأحصن للفرج...) متفق عليه.
أنا في حيرة من أمري.. والآن سوف أشرح لكم موضوعي.. أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاماً.. وأصلي فروضي في المسجد ولله الحمد والمنّة.. متخرج من الجامعة وحالياً لدي وظيفتي وشقـتي تحت التشطيب.. وسيارتي الخاصة.. وأرغب بالزواج من فتاة قد أحببتها.. وقد عرفتها عن طريق أهلي.. فهي صديقة لبنات أختي في الجامعة.. وقد قمت بالتقدم لخطبتها ولكن أهلها قد رفضوني لسبب وسوف أقوم بتوضيح السبب الآن: السبب هو أنني أنا مقيم فلسطيني ولكني من مواليد المملكة العربية السعودية.. ولم أغب عن مكان إقامتي في السعودية إلا عندما قررت أن أكمل دراستي الجامعية في الخارج.. ولكنني كنت في كل نهاية فصل دراسي أعود إلى أهلي ومسقط رأسي في المملكة.. والبنت أيضاً إلى الآن تحمل الجنسية اليمنية وليست سعودية.. ولكن أمها سعودية الأصل وأبوها يماني الأصل ولا يملك الجنسية السعودية، ولكن البنت تدرس بالجامعة لأن أمها سعودية فهي تملك ورقة (تعامل معاملة السعوديات).. وعندما تقدمت لخطبتها كان هناك رفض من والديها من أن ينكحوني هذه الفتاة وذلك لسبب أنهم يريدون أن تصبح ابنتهم سعودية.. وذلك لن يتحقق إلا بعد ما يصبح عمر الفتاة 25 أو 24 عاماً.. مع العلم بأنني أنا والفتاة قد أحببنا بعضا.. من كثرة ما أهلي يكلموني عليها ومن كثرة ما هي تسمع عني كلاما من قريباتي بالجامعة اللاتي يدرسن بها.. فقد تعلقنا ببعض لدرجة كبيرة.. مع العلم بأن الفتاة لا تريد غيري زوجاً لها.. وهي تريدني أنا فقط.. وقد حلفت البنت لأهلها إن لم أكن أنا زوجها فلن تتزوج إطلاقاً من أي أحد سوف يأتي لخطبتها.. وأفيدكم علماً بأنني قد ذهبت لأبيها مرة أخرى لكي أقنعه بأني أريد الزواج من ابنته لأنني لا أريد غيرها وأنني سوف أقوم بتنفيذ جميع طلباتهم.. إلا أنه قد رفضني مرة أخرى بسبب الجنسية.. فما كان بيدي إلا أن أرضى بالأمر الواقع.. وأنسحب وأنا أجر أذيال الخيبة ورائي.. فأرجوك يا شيخنا الفاضل أن تنصحني بعمل أقوم به لكي أتزوج بهذه الفتاة التي لن أتزوج غيرها بإذن الله.. فقد ارتبطت قلوبنا ببعض.. مع العلم أيضاً أنني في كل مرة أصلي الاستخارة أحس براحة لم أشعر بمثلها من قبل وكذلك الفتاة... التي هي على تواصل معي ولكن ليس بشكل مباشر.. وإنما عن طريق قريباتي في الجامعة قبل أن يقوم أبوها بحرمانها من الذهاب للجامعة بسبب هذا الموضوع.. مع العلم يا فضيلة الشيخ أن الفتاة من المتفوقات في دراستها ولم يبق لها سوى سنة دراسية وتتخرج من الجامعة.. ولكن والدها رافض لرجوعها لتكميل دراستها..!! والسؤال الذي أريد أيضاً طرحه على فضيلتكم: هل يعتبر هذا من عضل المرأة، وكيف ألتمس المساعدة منكم يا شيخنا الفاضل؟ وأرجو من الله العلي القدير أن تفيدوني وأن تكونوا أنتم سبباً في زواجي من هذه الفتاة التي طالما بحثت عنها في أحلامي..
ملاحظة: أرجو من جميع من يقرأ هذا الموضوع بأن يدعو لي من قلبه أن يفرج الله همي ويكشف غمي ويزوجني بهذه الفتاة التي أريدها؟ وجزاكم الله عني وعن كل من يزور هذا الموقع خير الجزاء وأن يدفع عنكم كل شر وبلاء.. آمين يا رب العالمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته عن أهل هذه الفتاة لا ينبغي أن يكون سبباً تُمنع به الفتاة من الزوج الكفؤ إذا خطبها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه... رواه الترمذي.

وعلى كل فالآباء مجبولون في العادة على الحنان والشفقة على بناتهم، وبالتالي فلا يعتبر الأب عاضلاً لبنته في رد خاطب، ما لم يُتحقق منه ذلك، ففي الخرشي عند قول خليل: ولا يعضل أب بكراً برد متكرر حتى يتحقق، قال: يعني أن الأب في ابنته المجبرة لا يكون عاضلاً برد خاطب أو خاطبين وهو مراده بالمتكرر أي برد متعدد من الخطاب لما جبل عليه من الحنان والشفقة ولجهلها بمصالح نفسها فربما علم الأب من حالها أو حال الخاطب ما لا يوافق حتى يتحقق إضراره فإن تحقق قال له الإمام إما أن تزوج وإلا زوجناها عليك. انتهى.

ومن هذا تعلم أن ما ذكرته من امتناع أبي البنت عن تزويجها منك لمصلحة ما لا يعتبر عضلاً لها بل حتى يتحقق قصده الإضرار بها، وننصحك كما ننصح البنت أيضاً بأن لا يُصر كل منكما على أنه إن لم يتزوج من الآخر فلن يتزوج حياته، فقد يكون في زواج أي منكما من غير الآخر من الخير والمصلحة ما لا تعلمانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني