الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكن تحديد أيام الحيض من غيرها في حال زيادة الدورة

السؤال

في رمضان في السنة قبل السابقة كان عندي مشكلة مرضية وكانت سببت لي أن العادة الشهرية تطول فترتها وكان يوجد أيام لا أعلم إن كنت طاهرة أم لا، وظلت هذه المشكلة حتى ما قبل شهر رمضان التالي بأيام قليلة فمباشرة بعد رمضان بدأت أن أعوض هذه الأيام فصمت بقدر ما استطعت ولكن الآن أنا حائرة لأني لم أعرف كم عدد الأيام التي صمتها وكم يتبقى وهل يقبل الله مني هذه الأيام التي صمتها بعد أن جاء شهر رمضان التالي فماذا أفعل الآن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان ينبغي أن يذكر في السؤال المدة التي صارت الدورة تصل إليها، وذلك لنتمكن من تحديد ما يعتبر حيضا من غيره. وعلى كل حال فلا يخلو حال الدورة من أن تستمر خمسة عشر يوما أو أكثر أو أقل، فإن استمرت خمسة عشر يوما فقط -وهي أكثر الحيض عند الجمهور- أو أقل، فإن ذلك يعتبر حيضا، وإن كانت العادة أقل من ذلك مثل من كانت عادتها سبعة أيام ثم رأت الدم عشرة أيام أو خمسة عشر يوما، فمن الفقهاء من يعتبر ذلك كله حيضا بغض النظر عن العادة وما زاد عليها وهو مذهب الشافعية. قال في المهذب في الفقه الشافعي: فإن انقطع لدون اليوم والليلة كان ذلك دم فساد فتتوضأ وتصلي، وإن انقطع ليوم وليلة أو لخمسة عشر يوما أو لما بينهما فهو حيض، فتغتسل عند انقطاعه، سواء كان الدم على صفة دم الحيض أو على غير صفته، وسواء كان لها عادة فخالف عادتها أو لم تكن. انتهى.

ومنهم من يعتبر ما زاد على العادة من الطهر حتى تتكرر الزيادة ثلاث مرات، فإذا تكررت ثلاثا اعتبرت حيضا، فإن صامت في تلك الفترة لزم قضاء الصيام الواجب لأنه تبين أنه كان في زمن الحيض.

ففي مختصر الخرقي في المذهب الحنبلي ما نصه: من كانت لها أيام فزادت على ما كانت تعرف، لم تلتفت إلى الزيادة، إلا أن تراه ثلاث مرات، فتعلم حينئذ أن حيضها قد انتقل، فتصير إليه فتترك الأول. وإن كانت صامت في هذه الثلاث مرار أعادته، إذا كان صوما واجبا. انتهى

وإن تجاوزالخمسة عشر يوما اعتبر استحاضة عند الجميع، ويرجع للتمييز في تحديد الحيض من غيره على الأصح في المذهب الشافعي، فإن لم تميز رجعت للعادة فاعتبرتها حيضا، وغيرها استحاضة. قال في مغني المحتاج على شرح المنهاج في الفقه الشافعي عند قول المؤلف: ويحكم للمعتادة المميزة بالتمييز لا العادة في الأصح، حيث خالف العادة، كما لو كان عادتها خمسة من أول كل شهر وباقيه طهر، فاستحيضت فرأت عشرة سواداً من أول الشهر وباقية حمرة، فحيضها العشرة السواد؛ لحديث: دم الحيض أسود يعرف. ولأن التمييز علامة في الدم، والعادة علامة في صاحبته، ولأنه علامة حاضرة، والعادة علامة قد انقضت. والثاني: يحكم بالعادة لأن العادة قد ثبتت واستقرت وصفة الدم بصدد الزوال، فعلى هذا يكون حيضها الخمسة الأولى منها، والباقي بعد العشرة على الأول، والخمسة على الثاني طهر، وعند التوافق الأمر واضح. انتهى. يعني بالتوافق: توافق العادة مع التمييز.انتهى.

وعند الحنابلة ترجع للعادة فتجلسها وتعتبرغيرها استحاضة. قال ابن قدامة في المغني في الفقه الحنبلي: وإن تجاوزت الزيادة أكثر الحيض، فهي استحاضة، ولا تجلس غير أيام العادة بكل حال. انتهى.

وقد سبق أن أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم :67570، والفتوى رقم : 62419. ومن خلال ما ذكرنا مع مراجعة الفتويين المحال عليهما يمكن تحديد أيام الحيض من غيرها في حال زيادة الدورة على العادة.

وعلى هذا فإذا كانت السائلة قد صامت فترة يمكن أن تكون فترة حيض وأرادت أن تحتاط لنفسها وتقوم بالقضاء ولم تعلم عدد الأيام التي حصل فيها ذلك فيكيفيها أن تصوم ما يغلب على ظنها أنه عدد الأيام المذكورة وبذلك تبرأ ذمتها، وإذا كان تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان التالي ناجما عن العذر أو الجهل فلا كفارة فيه، وإنما يجب القضاء فقط، كما سبق بيانه في الفتوى رقم.:66739.

أما من حيث قبول الصيام.. فما دامت العبادة صحيحة خالصة لوجه الله تعالى فإنها مظنة القبول إن شاء الله. مع أن حقيقة القبول من الأمور التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى. وننبه هنا إلى أنه لا إشكال في ذكر الخلاف في مسألة اعتبارالتمييز أو العادة في تحديد الحيض لأن للمسلم أن يأخذ بأي المذهبين أراد، ولا حرج عليه في ذلك إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني