الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم لعن النساء المتبرجات والدعاء لهن بالهداية

السؤال

حديث (نساء كاسيات عاريات....) قال الرسول صلى الله عليه وسلم (العنوهن فإنهن ملعونات)، فهل المقصود هنا النساء المؤمنات دون نساء الكافرات والمشركات، وهل صحيح أن اللعنة مقصود فيها أنها لعنة إنكار على تبرجهن وليست لعنة طرد من رحمة الله عز وجل.
وأخيراً هل يجوز للمسلم أن يدعو بالهداية لا اللعنة لمثل هؤلاء، فأرجو منكم التفصيل في شرح الحديث؟ وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

قد دلت الأحاديث على أن اللعن المذكور في حديث الكاسيات العاريات المشار إليه في السؤال يتناول من اتصف بهذه الصفات من نساء هذه الأمة لأنهن بذلك يرتكبن بعض كبائر الذنوب، واللعن في حق المسلم كما في مثل هذه الحالة هو اللعن الحقيقي لكنه دون لعن الكافر، قال العلماء: وليس المراد بلعن مرتكبي الكبائر إبعادهم من رحمة الله كل الإبعاد كما هو الحال في لعن الكفار، فإن المسلم لا يخرج عن الإسلام بارتكاب الذنوب والكبائر ما لم يستحلها، ثم إنه لا حرج إن شاء الله في الدعاء بالهداية للمتبرجات من النساء.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ظاهر الحديث يدل على أن اللعن هنا يتناول من اتصف بهذه الصفات من نساء هذه الأمة، ففي أول الحديث المشار إليه: سيكون في آخر أمتي... وسبب اللعن لأنهن بذلك يرتكبن بعض كبائر الذنوب، واللعن هنا في مثل هذه الحالة هو اللعن حقيقة ولكنه ليس مثل لعن الكفار، وقد ورد اللعن في حق مرتكبي الكبائر في بعض الأحاديث كلعن الواشمة والمستوشمة ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال وغير ذلك.

قال العلماء وليس المراد بلعن مرتكبي الكبائر إبعادهم عن رحمة الله كل الإبعاد كما هو الحال في لعن الكفار، فإن المسلم لا يخرج عن الإسلام بارتكاب الذنوب والكبائر ما لم يستحلها، ويدل لهذا ما ذكر النووي في شرحه على صحيح مسلم عند كلامه على حديث: من أحدث فيها (يعني المدينة) حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. حيث قال: قال القاضي: واستدلوا بهذا على أن ذلك من الكبائر لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة، ومعناه أن الله تعالى يلعنه وكذا يلعنه الملائكة والناس أجمعون وهذا مبالغة في إبعاده عن رحمة الله تعالى فإن اللعن في اللغة هو الطرد والإبعاد، قالوا: والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه والطرد عن الجنة أول الأمر وليست هي كلعنة الكفار الذين يبعدون من رحمة الله تعالى كل الإبعاد. انتهى.

ولبيان نص الحديث المشار إليه في السؤال والحكم عليه يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 66102.

ثم إنه لا حرج إن شاء الله في الدعاء بالهداية للمتبرجات من النساء. ولبيان حكم لعن المعين وغيره تراجع الفتوى رقم: 30017.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني