الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المتاجرة في الصكوك الوطنية

السؤال

ما حكم المتاجرة بالصكوك الوطنية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصكوك الوطنية هذه عبارة عن شركة مساهمة خاصة يقع مقرها في دبي ويتم شراء الصكوك بفئات قيمتها 10 دراهم والحد الأدنى للشراء هو 100 درهم أي عشر صكوك، ويذكر في نشرة الإصدار أن كل صك يحمل رقماً مسلسلاً يتم إدخاله في سحب شهري على جوائز تتراوح قيمتها بين 100 درهم ومليون درهم، وإذا كانت الشركة تتاجر في الحرام أو تضمن للمضارب رأس ماله فكل واحد من الأمرين كاف في المنع من الاشتراك فيها، وإذا كانت لا تتاجر في نشاط محرم ولا تضمن رأس المال سلمت من المنع لهذين السببين وبقي سبب آخر وهو أن القائمين على هذه الصكوك يزعمون أن العلاقة بين حامل الصك وبين الشركة أنهما قاما بعقد مضاربة وأن حاملي الصكوك هم أرباب الأموال والشركة مضارب لهم في هذه الأموال على حصة شائعة من الربح، وأن الجوائز يتم توزيعها من نصيب الشركة في أرباح المضاربة من خلال القرعة... ولكن بالنظر إلى صفحة موقع الشركة على الإنترنت نجد أن كل اهتمام الشركة بمسألة الجوائز هذه وحث الناس على الاشتراك في الصكوك رجاء الحصول على الجوائز، والجائزة الكبرى (المليون درهم)، ويغفل الموقع ذكر المضاربة وتفاصيلها وطبيعة المشاريع المضارب عليها.

وهذا يجعلنا نذهب إلى أن المقصود من هذه الصكوك ليست المضاربة وإنما الطمع في الجائزة، فالمشترك في هذه الصكوك يدفع 100 درهم ليحصل على مليون درهم ولا ريب أن هذا من القمار، وبالتالي يحرم الاشتراك في هذه الصكوك، فإن لم يكن قصد المشترك الجائزة يبقى محذور آخر وهو أن الجوائز على فرض جوازها في هذه الصورة تعتبر هدية من المضارب -الشركة- لأرباب الأموال -حملة الصكوك-، وقد وجدنا من أهل العلم من يحرم هدية المضارب لرب المال، جاء في حاشية الدسوقي عند ذكر ما يحرم من الهدية: .... كرب القراض: أي يحرم عليه إهداء العامل لئلا يقصد بذلك أن يستديم عمله وكذلك يحرم هدية العامل لرب المال ولو بعد شغل المال أما قبل شغل المال فبلا خلاف. انتهى.

وأشار بقوله ولو بعد شغل إلى الرد على من يقول بجواز هدية العامل لرب المال بعد مباشرة العامل للمضاربة، والمنع من الإهداء هنا مقيد بعدم تقدم مثلها بينهما وعدم حدوث ما يوجب الهدية، وظاهر جداً أنه لم يسبق بين الشركة وحملة الصكوك إهداء ولا حدث موجب للهدية، إلا أن القصد من ورائها استدامة أصحاب الصكوك في الشركة وتشجيع من لم يشترك بالاشتراك، وبناء على ما سبق فلا نرى جواز الاشتراك في هذه الصكوك ما لم تقم على مضاربة حقيقية وتلغى منها هذه الجوائز، هذا بالإضافة إلى تحقق الشرطين الذين أشرنا إليهما في صدر الجواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني