الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من اقترض وعجز عن السداد

السؤال

لقد وقعت في الدين بسبب عدم توفيقي في التجارة وهذا الدين مبلغ كبير يقدر بـ 30000 دولار، أنا حالياً لا أملك أي نقود، توجد النيه أن أقوم بتسديد هذا المبلغ، هذا المبلغ لعدة أشخاص هم 5 أشخاص يوجد ضغط علي من هؤلاء الأشخاص لتسديد الدين، ولكن لا أستطيع وأقوم أحيانا بتصبيرهم وأحاول وعدهم ولكن هناك ضغط يزداد عليا لتسديد الدين، الرجاء ماذا أعمل وما السبيل من التخلص من هذا الدين خوفا من المحاسبة يوم القيامة وماذا يعتبر هذا الدين، فهل هو نقمة أم اختبار من الله، أنا والحمد لله إنسان ملتزم في الصلاة والصوم ولا أقوم بأعمال تغضب الله، فهل هذا الدين نقمة أم نعمة وهل أعتبر من الغارمين، الرجاء إفادتي ماذا أعمل لأتخلص من هذا الدين؟ وفقكم الله.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

من استدان وفي نيته الوفاء فعجز عن ذلك حتى توفاه الله تعالى ولم يسدد دينه فإنه غير مؤاخذ في الآخرة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن استدان في أمر مباح وفي نيته الوفاء، فأُعسر وعجز عن وفاء دينه فإنه غير مؤاخذ، وعلى دائنيه إنظاره إلى ميسرة، لقوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}، أي أنظروه.. وإذا استمر بالمدين العازم على الوفاء الإعسار حتى توفاه الله تعالى فإنه لا يطالب بهذا الدين في الآخرة، ويتولى الله عز وجل إرضاء غرمائه، وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 19076.

وأما هل هذا الدين في حق السائل نقمة أم هو اختبار من الله؟ فنقول: إن الشر والخير ابتلاء من الله تعالى للعبد، كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}، وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155}، ومعنى نبلوكم نختبركم بالشدة والرخاء والفقر والمرض والعافية والسعة لينظر جلياً كيف شكركم في السعة والخير، وكيف صبركم في الشد والشر.. ومن المعلوم أن الله عالم بما سيظهر منكم قبل ظهوره، ولكن إنما يحاسب العباد على ما وقع منهم بالفعل.

وعليه؛ فهذا الإعسار وتلك الخسارة التي لحقت بالأخ السائل اختبار من الله تعالى له، فليُرِ الله منه ما يحب من الصبر والاحتساب والسعي في رد الدين وإبراء الذمة، وله أن يطلب سداد دينه عن طريق سهم الغارمين، وراجع في معنى الغارم الفتوى رقم: 18603.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني