الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقيقة بلاء أيوب عليه السلام

السؤال

ما معنى هذا الحديث الصحيح : /إن نبي الله أيوب مكث في بلائه ثلاث عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من خواص أصحابه ..إلى آخر هذا الحديث / ما معنى رفضه ؟ أليس معناه أن الناس نفروا منه وابتعدوا عنه بسبب مرضه ؟ كيف نوفق بين هذا المعنى وبين أن الأنبياء من صفاتهم أن الله حفظهم من الأمراض المنفرة ؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ما أصاب أيوب من الضر لم يكن بالصفة المنفرة التي يصوره بها القصاص والأخباريون الذين نقلوا ذلك من الإسرائيليات وأهل الكتاب الذين حرفوا كتبهم المنزلة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحديث المشار إليه حديث صحيح رواه ابن حبان والحاكم وأبو يعلى وصححه الألباني في السلسلة . وقال الذهبي في التلخيص: على شرط الشيخين .

وقد جاء بلفظ ثماني عشرة سنة بدلا من ثلاث عشرة.. المذكورة.

ولفظه كما في المستدرك وغيره: إنَّ أيوب نبي الله لبث به بلاؤه خمسة عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه، كانا من أخصِّ إخوانه، قد كانا يغدوان إليه، ويروحان.
فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم: نعلم والله، لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين.
فقال له صاحبه: وما ذاك؟
قال: منذ ثمانية عشر سنة لم يرحمه الله، فكشف عنه ما به.
فلما راحا إلى أيوب، لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك.
فقال له أيوب: لا أدري ما تقول، غير أنَّ الله يعلم أني كنت أمرُّ بالرجلين يتنازعان يذكران الله، فأرجع إلى بيتي، فأكفر عنهما، كراهية أن يذكر الله إلا في حق.
وكان يخرج لحاجته، فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ.
فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه: أن اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب.
فاستبطأته، فتلقته، وأقبل عليها، قد أذهب الله ما به من البلاء، وهو أحسن ما كان.
فلما رأته، قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى؟ والله على ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا!
قال: فإني أنا هو.
وكان له أندران: أندر للقمح، وأندر للشعير.
فبعث الله سحابتين، فلما كانت أحدهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

فالحديث- كما رأيت- لم يذكر مرضا منفرا وإنما ذكر طول مدة البلاء وعدم وفاء الأقارب والإخوان له وعدم صبرهم عليه وعلى طول بلائه إلا رجلين من أخص إخوانه.

ولا يلزم من رفض الناس وعدم وفائهم له أنه أصيب بما هو منفر من دعوته.. فعادة الناس أن ينفضوا عن صاحب النعمة إذا ابتلي، وعن الغني إذا افتقر.. كما قال الشاعر:

والناس أعوان لمن والته دولته وهم عليه إذا عادته أعوان

وعلى كل فإن ما أصاب أيوب من الضر لم يكن بالصفة المنفرة التي يصوره بها القصاص والأخباريون الذين نقلوا ذلك من الإسرائيليات وأهل الكتاب الذين حرفوا كتبهم المنزلة، ونحن نكتفي في مثل هذه الأمور بما جاء في نصوص الوحي. وانظر الفتوى: 60288 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني