الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البيع للمضطر بثمن أكثر من ثمن المثل

السؤال

عند فتح معبر رفح ودخول إخوتنا الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية أغلقت السلطات المصرية الطرق المؤدية إلى رفح ومنعت دخول البضائع إليها مما أدى إلى ارتفاع الأسعار داخل رفح خاصة الوقود(السولار) ومع ذلك تمكنت من العبور بعد دفع مبلغ من المال إلى رجال المرور وقمت ببيع عدد 100عبوة وقود بسعر 50 جنيها مع أن تكلفة العبوة 27 جنيها وأيضا قمت ببيع 25 عبوة بسعر 70 جنيها مع أن تكلفة العبوة 39 جنيها.هل هذا الربح حلال أم لا ، مع العلم أني قمت بالبيع إلى تاجر مصري وليس لفلسطيني. وان كان هذا الربح حراما ماذا أفعل..........

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

البيع للمضطر بثمن أكثر من ثمن المثل بكثير بيع منهي عنه، وما فعله بعض التجار من بيع السلعة للمحاصرين في غزة بأثمان أكثر من ثمن المثل يعد من هذا النوع من البيوع.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من الظلم العظيم الظاهر أن تمنع البضائع والسلع من الوصول إلى المحاصرين من أهل غزة، والذي يزيد الأمر سوءا والظلم فظاعة أن يكون المنع صادرا ممن يفترض أن يمد يد العون لإخوانه في الدين والعقيدة، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله.

وبمنع وصول السلع والبضائع إلى هؤلاء فقد ظلمهم أولئك وخذلوهم وأسلموهم لعدوهم وأسلموهم للجوع والمرض، ولا ريب أن هذا من المحرمات العظيمة.

ومن الحرام والخذلان كذلك استغلال التجار لظروف هؤلاء المحاصرين بأن رفعوا أسعار السلع وضاعفوها أضعافا مضاعفة، وكان الأجدر بهم والأولى أن يبذلوا ما استطاعوا من أموالهم إعانة وإغاثة لإخوانهم أو على أقل تقدير أن يبيعوا لهم بثمن المثل، أما أن يصلوا بالأسعار إلى الضعف وضعف الضعف فهذا من الظلم في ظل اضطرار المحاصرين، وفي الحديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه.

فسره الإمام أحمد قائلا: يجيئك المضطر فتبيعه ما يساوي عشرة لعشرين فإني أكره أن يربح بالعشرة خمسة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: المضطر هو الذي لا يجد حاجته إلا عند هذا الشخص فينبغي لمن عنده الحاجة أن يربح عليه مثل ما يربح على غير المضطر، ففي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضطر، فالذي يضطر الناس إلى شراء ما عنده من الطعام واللباس يجب عليه أن يبيعهم بالقيمة المعروفة، وخرج الإسماعيلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن كان عندك خير تعود به على أخيك وإلا فلا تزيده هلاكا على هلاكه. اهـ

وقال عبد الله بن معقل: بيع المضطر ربا.

وذهب بعض العلماء إلى أن بيع المضطر فاسد، جاء في رد المحتار: بيع المضطر وشراؤه فاسد وهو أن يضطر الرجل إلى طعام أو شراب أو لباس أو غيرهما ولا يبيعها البائع إلا بأكثر من ثمنها بكثير. اهـ

وعليه، فالذي نرى فيما حصل من بيع السلع للمحاصرين في غزة بالأسعار المضاعفة أن يخرج التجار ما زاد على ربح المثل ويتصدقوا به على هؤلاء المحاصرين عسى أن يكون في ذلك تكفيرا عن ظلمهم وخذلانهم لإخوانهم المضطرين المتضررين، وكونك قد بعت للتاجر لا نرى أنه يعفيك من هذه المسؤولية ما دمت تعلم أن التاجر سيبيع لهؤلاء فهو سيضاعف عليهم التكلفة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني