الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مضاربة العامل لنفسه دون إذن صاحب المال

السؤال

تاجر مواد غذائية بالجملة، عند حاجته المالية لتمويل صفقة ما فإنه يعرض ذلك على شخص ليقوم بتمويل هذه الصفقة بالمضاربة أو بالمشاركة حسب حاجة التاجر للتمويل، إذا علمنا أن هذه الصفقات يتم بيعها فوراً بشيكات مؤجلة تحصل تباعاً، فإذا كان يتم تحصيل قيمة الصفقة مثلاً على ثلاثة شيكات أي كل عشرة أيام يستحق شيكا بمعنى أن الصفقة تنتهي كلياً بعد شهر.
هل يجوز لهذا التاجر ما يلي :
أولاً: أن يستخدم أموال الشيكات المحصلة خلال الشهر لتغطية صفقات أخرى لصالحه ( أي يأخذ ربحها كاملاً له ) أو التجارة واستغلال هذا المال الذي هو مال الممول لصالحه الشخصي.
ثانياً: هل يجوز لهذا التاجر أن يخبر الممول أن الصفقة تنتهي بعد شهرين مع علمه أنها تنتهي بعد شهر ثم يستخدم السيولة لصالحه الشخصي ولتغطية صفقات خاصة بها تعود أرباحها عليه كاملة .
ثالثاً: هل يجوز لهذا التاجر أن يشترط على الممول أن يرد له ماله بعد شهر من انتهاء الصفقة حتى يستخدمه هو لصالحه الشخصي ولصفقات خاصة به ولا يعطى الممول إلا ربح الصفقة الأولى التي تنتهى بعد شهر.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

المضاربة مبناها على الأمانة والوكالة، فلا يحل للعامل أن يضارب برأس المال لنفسه دون إذن من رب المال، ومن فعل ذلك كان غاصبا متعديا.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا السؤال يجاب عليه من عدة نقاط.

النقطة الأولى: إذا كان الممول يدفع للتاجر شيكات مؤجلة فالمضاربة غير صحيحة لأن المضاربة يشترط فيها أن يكون رأس المال نقدا لا دينا، وقد بينا هذا مفصلا في الفتوى رقم: 10437 فتراجع.

النقطة الثانية: إذا كان الممول يدفع قيمة الصفقة نقدا ويتفق مع التاجر على إنهاء المضاربة في شهر أو شهرين أو أي مدة يتفقان عليها فهذا جائز على قول من يجيز المضاربة المقيدة بمدة كالحنفية وجار على إحدى الروايتين عند الحنابلة وقد فصلنا القول فيها في الفتوى رقم: 51152.

وأيضا يجوز تقييد المضاربة بسلعة معينة على تفصيل عند أهل العلم لا داعي لذكره.

النقطة الثالثة: لا يحل للتاجر أن يضارب برأس مال الممول لنفسه سواء التصرف في المال أو أثناء المضاربة أو بعدها، فإن ذلك يعد خيانة وتصرفا في مال الغير بدون حق فالمضاربة مبناها على الوكالة والأمانة.

والتصرف المذكور خارج عن الأمانة والوكالة وتصرفه في هذا المال على هذا الوجه غصب واعتداء.

ففي كشاف القناع ما نصه: المضارب أمين وأجير ووكيل وشريك فأمين إذا قبض المال ، ووكيل إذا تصرف فيه ) أي المال ( وأجير فيما يباشره من العمل بنفسه ) ومراده في حكم الأجير وشريك إذا ظهر فيه أي المال الربح. انتهى

النقطة الرابعة: ينبغي أن يعلم السائل أن للمضاربة والمشاركة شروطا يجب التزامها حتى لا تتحول المضاربة إلى مجرد قرض ربوي.

وأهم هذه الشروط أن يكون رأس مال التجار معلوما متميزا إذا كان يتم خلط رأس مال الممول مع رأس مال التجارة لأن الشركة تقتضي المفاصلة إلا بالرجوع على شيء معلوم مميز حتى يعلم ربح كل من الممول والتاجر.

ومن شروط المضاربة والشركة أن تكون حصة الشريكين من الربح حصة شائعة كالثلث والربع وأن لا يكون رأس مال الممول مضمونا على التاجر إلا في حالة التفريط أوالتعدي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني