الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفالة طالب العلم والجمع بين التعلم والتكسب

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمأصحاب الفضيلة العلماء جزاكم الله عنا كل خير في الدنيا والآخرة... أبلغ من العمر 26عاما، غير متزوج حصلت على مؤهل جامعي, وليس لي دخل ثابت، أعمل يوما بائعا في محل ويوما آخر عاملا في مصنع وهكذا،أعيش في قريه فقيرة الموارد الماليه والعلمية (شريعة والعلوم الدنيوية), فقيرة بالأمن على من هم مثلي من الملتزمين بدينهم، فقيرة بأهل الخير من الصالحين والعلماء أولي الحكمة الدالين علي الخير... فلما كان الأمر على ذلك عزمت على الهجرة إلي بلد آخر أحسن منها حالاً، على أن أعمل في مصنع عملاً شاقا لمدة 8 ساعات لعل الله بعد ذلك أن يرزقني خيراً منه؛ ولكن لم يمض أسبوع حتى أصبت في ظهري من جراء هذا العمل ولم يعد معي مال يكفيني لأن أمكث في هذا البلد حتي أجد عملاً أخف من هذا؛ فعزمت على العودة إلي قريتي، فبينما أنا كذلك عرض علي أحد الإخوان أن يقوم بكفالتي من أكل ومسكن على أن أتفرغ لطلب العلم الشرعي وحفظ كتاب الله؛ فقبلت الأمر فوراً، وبعد انتظامي في الدراسة لمدة شهرين تقريبا بدأت أشعر بأنني عالة على غيري وأني آكل من غير كسب يدي رغم أنني مازلت قادراً على الكسب، بدأت أشعر بالدونية والمذلة كلما ذهبت لأخذ المصروف الشهري، مع العلم بأنه بالكاد يكفي الطعام والسكن.أشعر بالألم كلما سمعت عالما يتحدث عن قيمة العمل والكسب الحلال، وعن مهانة من يجعل نفسه عالة علي غيره وهو قادر علي الكسب، أنا في حيرة من أمري لا أدري أي الأمرين خير لي وأكرم في الدنيا والآخرة- هل أستمر في طلب العلم والتفرغ له وكفالة هؤلاء الصالحين لي- أم أترك هذا وأطلب العمل مع القليل من العلم، فأرجو من فضيلتكم توجيهي ونصحي وإرشادي؟ وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

واصل طلب العلم ولا تتحرج من إعانة الإخوة الطيبين لك؛ لأن ذلك حق لك عليهم، وإن أمكن الجمع بين التعلم والكسب فهو أولى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننصحك بمواصلة تعلم العلم والصبر على تحصيله، ولا تتضايق من الراتب الذي يعطي لك فخذه بعزة نفس فإن إعانة طالب العلم على مواصلة الطلب من أهم المصارف التي ينفق عليها، وعلى أفراد الأمة أن ينفقوا فيها لأن المشتغل بدراسة العلم الشرعي قائم عنهم بفرض من أهم الفروض الكفائية... وقد ذكر ابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية: أنه تلزم على المسلمين كفاية طالب العلم إذا خرج للطلب حتى لو امتنعوا عن كفايته يجبرون كما يجبرون في دين الزكاة إذا امتنعوا عن أدائها.. انتهى.

ويعزى للقصرى المالكي أنه أفتى باستحقاق طلاب العلم على المسلمين كل سنة مبلغاً مالياً قدره بمائة دينار، وقد ذكر ابن عابدين في رد المحتار أن من مصارف بيت المال كفاية العلماء وطلاب العلم المتفرغين للعلم الشرعي. هذا وننبه إلى أنه إن مكنك أن تبرمج برنامجاً تجمع فيه بين التعلم والكسب وتستغني عن الناس فهو أفضل وأقرب لمنهج الأنبياء والصحابة وفي حديث البخاري: ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وأن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58722، 94063، 68169، 67249.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني