الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريض الزوجة على الامتناع عن زوجها حتى يطلقها

السؤال

ما الحكم في رجل يحب امرأة حبا شديدا وهي كذلك ولكن فرق بينهما أبو الفتاة بأن زوجها من ابن خالتها رغماً عنها ومرت السنوات وهي تحاول الطلاق منة لكن أباها يجبرها علي البقاء معه ومنذ حوالي السنة والنصف عادت العلاقة بينها وبين حبيبها الأول وأصبحا لا يكاد يمر يوم إلا وهو يكلمها وتكلمه ويلتقيان وتعاهدا علي أن تعمل كل ما بوسعها من أجل الطلاق من زوجها ويتزوجان وتعاهدا على ذلك علي المصحف الكريم بأن لا يخونها ولا تخونه مع العلم بأنه متزوج وله طفلة وهي معها طفلان فهل يجوز ذلك؟ وما الحكم في اليمين الذي أقسمه علي المصحف وكذلك أقسمته هي بأن لا تدع زوجها يقترب منها ويعاشرها مهما حصل فهل يجوز لها ذلك؟ وما حكم يمينها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن لقاء هذا الرجل بهذه المرأة وكلامه معها عمل محرم ووسيلة ظاهرة إلى الوقوع في الفاحشة ، وقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ.{النــور:30،31}

هذا وقد انضمت أمور تجعل ما تقع فيه أشد تحريماً:

أولها: كون هذه المرأة ذات زوج، وعمل هذا الرجل انتهاك لحرمة زوجها، وهتك لعرضه، وظلم له بتحريضها على منعه حقه ؛ وفي الحديث: كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه. رواه البخاري ومسلم.

ثانيها: كون هذا الرجل متزوجاً، والمتزوج مؤاخذ في هذه الأمور أكثر من الأعزب والدليل حد الزنا.

ثالثها: أن في ذلك تخبيبا للمرأة على زوجها، وفي الحديث: ليس منا من خبب امرأة على وزجها، أو عبداً على سيده. رواه أبو داود وغيره.

رابعها: عدم الشعور بالذنب، وهذا ما نلمسه من السؤال.

فعليه أن يتوب إلى الله تعالى من هذا العمل، وأن يصرف فكره عن هذه المرأة التي لا تحل له.

وأما الأيمان التي حلفاها فهي على أفعال محرمة فيجب الحنث فيها ويجب التكفير.

قال المرداوي الحنبلي في الانصاف : وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا حَرَامًا ، أَوْ مُحَرَّمًا : وَجَبَ أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ .اهـ

وقال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني :وَإِنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ مَعْصِيَةً فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا يَفْعَلْ ذَلِكَ.اهـ

والكفارة إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وهو مخير بين الثلاثة لقوله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ {البقرة:225}

فإن لم يقدر على الثلاثة لزمه صيام ثلاثة أيام لقوله عزوجل: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

وإذا كان وقع تكرار لليمين على شيء واحد أو على أشياء فقال أبو حنيفة ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد: يلزم بكل يمين كفارة . وعند الحنابلة أن من لزمته أيمان قبل التكفير موجبها واحد فعليه كفارة واحدة، لأنها كفارات من جنس واحد، وإن اختلفت الكفارات كمن لزمته كفارة ظهار وكفارة يمين بالله لزمته الكفارتان ولم تتداخلا. وراجع الفتوى رقم: 93390.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني