الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزويج البكر بغير رضاها

السؤال

زوج ابنته بدون رضاها ثم عاد واتفق مع الزوج على طلاقها إلا أن الزوج غدر بهما واختطف الزوجة واغتصبها بدون رضاها ما الحكم في هذه الحالة

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ما كان للأب أن يزوج ابنته بدون رضاها، ولكنه إن فعل كان الزواج نافذا عند جمهور أهل العلم. ولها الحق في طلب الطلاق إن كانت متضررة من هذا الزواج.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأولى أن لا تجبر المرأة على الزواج من رجل لا ترغب فيه لما في ذلك من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ينشأ عنه من مشاكل وعدم استقرار في الحياة الزوجية. وقد جاء في صحيح مسلم والمسند والسنن عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها. والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها".

وفي الصحيحين والمسند عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر. ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت".

ومن أهل العلم من أجاز جبر الأب أو وصيه للبكر خاصة.

وعلى أية حال، فالأب إذا زوج ابنته دون استئذانها فإن النكاح يعتبر نافذا عند جمهور أهل العلم. جاء في المغني لابن قدامة: وإذا زوج الرجل ابنته البكر، فوضعها في كفاءة فالنكاح ثابت وإن كرهت, كبيرة كانت أو صغيرة. أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء. ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها. اهـ

وخالف الحنفية في البكر البالغ فرأوا أنها إذا زوجت بدون رضاها كان لها الخيار في فسخ النكاح وإمضائه مستدلين بما في سنن أبي داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم.

فتحصل من هذا أن النكاح صحيح عند الجميع، وأنه نافذ بالاتفاق إن كانت الزوجة صغيرة، وأنها إن كانت كبيرة فهو نافذ أيضا عند جمهور أهل العلم، ومتوقف على رضاها عند الحنفية.

وإذا كانت الزوجة متضررة من هذا الزواج فمن حقها أن ترفع أمرها إلى القضاء الشرعي لتحصل على الطلاق.

واتفاق أبي البنت وزوجها على الطلاق لا يعد طلاقا، وإنما هو وعد بالطلاق، ولا يلزم الوفاء به.

وعليه، فلا شيء على الزوج فيما ذكرت أنه فعله من اختطاف الزوجة واغتصابها؛ لأنها تعتبر زوجة له ما لم يطلِّقها أو تطلَّق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني