الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في صلاةمن أخل بشرط الطهارة جاهلا أو ناسيا

السؤال

ما المقصود بالخارج من الدبر ينقض الوضوء هل المقصود أن يصل إلى منطقة الملابس الداخلية أم الخارج من فتحة الدبر مباشرة لأني أعاني من اضطرابات في البطن تسمى القولون العصبي وكثير ما يخرج من فتحة الدبر بعد غسل المنطقة القليل من الغائط وأحيانا كثير وهو بصفة شبه يوميه وأحيانا في أكثر من فرض فهل المقصود هو الخارج من السبيلين ما يمس الملابس الداخلية أم ما يخرج من فتحة الدبر مباشرة وإذا كان كذلك ما يلزمني في الصلوات هل يجب الإعادة؟ علما بأني لا اعلم عدد الصلوات قبل قراءة نواقض الوضوء وقد أشكل علي فهمه فأرجو منكم المساعدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

خلاصة الفتوى:

يعتبر خروج الغائط ونحوه من الباطن إلى ظاهر المخرج ناقضا للوضوء ولو لم ينتشر أو يسيل ولو لم يصل إلى الملابس، وإذا لم يكن ذلك ملازما كل الوقت أو جله فليس له حكم السلس عند الجمهور، ويجب قضاء الصلوات التي أديت بوضوء منتقض بالخارج المذكور ولو جهل أنه ناقض لأن الجهل لا يعذر به فيما يتعلق بالإخلال بطهارة الحدث عند الجمهور، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن من فعل مثل هذا جاهلا بالحكم لا تجب عليه إعادة ما مضى؛ بل تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل فقط.

فإن مجرد خروج الغائط ونحوه من الدبر ناقض للوضوء، والمراد بالخروج وصوله إلى ظاهر المخرج ولو لم يحصل سيلان ولا انتشار ولو لم يصل إلى الملابس، ففي بدائع الصنائع في الفقه الحنفي: إذا ظهر شيء من البول والغائط على رأس المخرج انتقضت الطهارة لوجود الحدث وهو خروج النجس، وهو انتقاله من الباطن إلى الظاهر لأن رأس المخرج عضو ظاهر، وإنما انتقلت النجاسة إليه من موضع آخر فإن موضع البول المثانة وموضع الغائط موضع في البطن يقال له قولون، وسواء كان الخارج قليلا أو كثيرا سال عن رأس المخرج أو لم يسل. انتهى.

والخارج من السبيل إن لم يصل إلى حد السلس بحيث لا ينقطع وقتا يتسع للطهارة والصلاة فإنه ناقض، إن حصل بعد الوضوء نقضه، وإن حصل في الصلاة أبطلها، ويجب قضاء الصلوات التي كنت تصليها بوضوء منتقض بالخارج المذكور ولو كنت تجهل أنه ناقض لأن الجهل لا يعذر به فيما يتعلق بالإخلال بطهارة الحدث. قال في كشاف القناع: والشرط ما يتوقف عليه صحة مشروطه إن لم يكن عذر، فمتى أخل بشرط لغير عذر لم تنعقد صلاته ولو ناسيا أو جاهلا. انتهى. فإن لم تعلم عددها عملت على التحري والاجتهاد حتى يغلب على ظنك قضاء جميع ما فات من الصلوات.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن من ترك مثل هذا جاهلا بحكمه أنه تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل، ولا تجب عليه إعادة ما مضى، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة فقال في مجموع الفتاوى: وأما من لم يعلم الوجوب فإذا علمه صلى الوقت وما بعدها ولا إعادة عليه؛ كما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي المسيء في صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل. قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني ما يجزيني في صلاتي فعلمه وقد أمره بإعادة صلاة الوقت ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلاة مع قوله لا أحسن غير هذا، وكذلك لم يأمر عمر وعمار بقضاء الصلاة، وعمر لما أجنب لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة، ولم يأمر أبا ذر بما تركه من الصلاة وهو جنب، ولم يأمر المستحاضة أن تقضي ما تركت مع قولها إني أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصلاة. انتهى.

وأما إذا وصل الخارج إلى حد السلس أي كان لا ينقطع وقتا يكفي للطهارة والصلاة في وقت الصلاة فإنه يتطهر بعد دخول الوقت بعد التحفظ من انتشار النجاسة ويصلي ولا يضره ما خرج أثناء صلاته، وراجع للمزيد حول طهارة وصلاة صاحب السلس الفتاوى التالية أرقامها:23889، 8777 ، 16039، وللفائدة تراجع الفتوى رقم:31107 ، والفتوى رقم: 64873.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني