الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تحديد مدة المضاربة

السؤال

ما هي مدى شرعية الشراكة في ما يلي:أملك مصنعا (منشار للحجر والرخام) فعرض عليّ صديق بتشغيل مبلغ من المال في المصنع مقابل الثلث لمدة عام واحد والسؤال هنا: ما مصير المبلغ الذي شغله صديقي بعد انقضاء السنة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن هذه العملية داخلة في المضاربة، إذ المضاربة هي دفع مال لآخر يستثمره نظير جزء من ربحه، وهذا هو الحاصل في العملية المسؤول عنها، لكن يجب أن تعلم أولاً أن تحديد مدة المضاربة بزمن لا تفسخ قبله أو لا تتجاوزه ، فيه خلاف بين العلماء، فمذهب الجمهور أنه يفسد المضاربة، لما فيه من التضييق على العامل، وزيادة الضرر، لأنه ربما بارت عنده سلع، فيضطر عند بلوغ الأجل إلى بيعها كاسدة فيلحقه بذلك ضرر، وهناك أدلة أخرى نظرية، وذهب الإمام أبو حنيفة والحنابلة في إحدى الروايتين عندهم إلى جواز تقييد المضاربة بمدة نظرا لشبهها بالإجارة، ولأن المضاربة أيضاً تصرّف، فيجوز تخصيصه بنوع من المتاع، فجاز توقيته بالزمان كالوكالة.
والذي يترجح عندنا - والله أعلم - هو المذهب الأخير ما دام التقييد بزمن يمثل رغبة صاحب المال، مع انتفاء الضرر عن الآخر وحصول الرضا منه، لقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [النساء:29].
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم" رواه البخاري معلقاً، وهو في سنن الترمذي، وإذا تقرر هذا، فإن دفع المبلغ لصاحب المصنع لتشغيله سنة ثم يرده بعدها مع جزء من الربح متفق عليه لا حرج فيه على الراجح، ويوفي لرب المال بشرطه، وهو رد رأس ماله إليه نهاية السنة مع ربحه، وهذه العملية - كما قدمنا - من المضاربة تجري عليها أحكامها من عدم الضمان بدون تقصير أو تعدٍ، أو نحو ذلك.
والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني