الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في العمامة والغترة والطيلسان

السؤال

. ما هو حكم لبس " الغطرة "، وهل الغطرة هي نفسها الطيلسان المنهي عنه كما سمعت بدافع مخالفة اليهود والنصارى ؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه لبس الغطرة ؟ انا في جلّ ما قرأته في سيرته أنّه كان يرتدي العمامة وأحيانا القلنسوة . فلماذا لا نجد من علمائنا المعروف عنهم اتباعهم للسنّة والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم المحبّين له بصدق متابعة له في لبس العمامة التي ورد فيها وصفٌ واضح جليّ ، وربما الغطرة أو الطيلسان لم يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في هجرته . فأنا تساءلت ربما لديهم روايات لم أسمعها فأرجو منكم الفائدة في هذا الموضوع . وإذا كنت لا أثقل عليكم أرجو أن تصفوا لي لباس النبي صلى الله عليه وسلم فأنا قرأت الكثير من الأحاديث ولكنّ فيها بعض الكلمات الصعبة غير المفهومة في زماننا وأيضًا أي الألوان كان يلبس يعني ماذا كان لون ثيابه وكل هذه الأمور المتعلّقة بلباس النبي صلى الله عليه وسلم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن السنة في اللباس هو لبس ما تيسر مما يوافق أهل عصرك وبلدك من المسلمين ما لم يرد أمر بلبس معين- كلبس الأبيض من الثياب كما أرشد إليه النبي، فيستحب، أو لبس الإزار والرداء في الإحرام- فيجب للرجل، أو يرد نهي عن لبس معين كلبس الرجل لبس النساء أو العكس، وكلبس ما فيه تشبه بالكفار، أو لبس المعصفر من الثياب فيحرم أو يكره حسب الحكم المقرر في كل حالة كذلك .

وأما بخصوص العمامة فاعلم أنه لم يثبت شيء في فضلها، وكل ما ورد في ذلك ضعيف أو موضوع.
قال المباركفوري في شرح الترمذي : لم أجد في فضل العمامة حديثاً مرفوعاً صحيحاً، وكل ما جاء فيه فهي إما ضعيفة أو موضوعة. اهـ

وأما الغطرة فلم يرد أنه صلى الله عليه وسلم لبسها .

ومما سبق يتبين لك سبب عدم تقيد العلماء بالعمامة ولا بالغترة لأنه ليس في ذلك سنة ثابتة، ولكل قوم لبستهم وزيهم الذي يناسبهم .

ومع أنه قد نص فقهاء الشافعية والحنابلة على أنه يسنّ له أن يعتم ويرتدي اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ لما رواه عمرو بن حريث - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء.

.لكن الصحيح من كلام العلماء أن ذلك لا على سبيل السنة الراتبة في اللباس، وإنما على سبيل الاقتداء بالنبي حتى في أمور العادات حبا له صلى الله عليه وسلم .

وأما بالنسبة للطيلسان فليس هو الغترة ولا يشبهها بل هو نَوْعٌ مِنْ الْأَرْدِيَةِ..

وفي فتح الباري لابن حجر : وَالطَّيَالِسَة جَمْع طَيْلَسَان وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي لَهُ عَلَم وَقَدْ يَكُون كِسَاء ...وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر عِنْد مُسْلِم أَنَّهَا " أَخْرَجَتْ جُبَّة طَيَالِسَة كِسْرِوَانِيَّة فَقَالَتْ : هَذِهِ جُبَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

واختلف في كراهية لبسها ففي عمدة القاري شرح صحيح البخاري عن أبي عمران قال: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة فقال كأنهم الساعة يهود خيبر، قال القاري: قوله :كأنهم أي كأن هؤلاء الناس الذين رأى عليهم الطيالسة يهود خيبر . وهذا إنكار عليهم لأن التشبه بهم ممنوع وأدنى الدرجات فيه الكراهة. وقد روى ابن خزيمة وأبو نعيم أن أنسا قال: ما شبهت الناس اليوم في المسجد وكثرة الطيالسة إلا يهود خيبر.

وقال بعضهم: ولا يلزم من هذا كراهية لبس الطيالسة . قلت: لا نسلم ذلك لأنه إذا لم يفهم منه الكراهة فما فائدة تشبيهه إياهم باليهود في استعمالهم الطيالسة .

وقال أيضا: وقيل: إنما أنكر ألوانها. قلت: ومن هو قائل هذا من العلماء حتى يعتمد عليه . ومن قال إن اليهود في ذلك الزمن كانوا يستعملون الصفر من الطيالسة أو غيرها، ولئن سلمنا أنها كانت صفراء فلم يكن تشبيه أنس رضي الله تعالى عنه لأجل اللون . اهـ

وأما صفة لباس النبي فنحيلك على كتب السيرة النبوية والهدي النبوي ككتاب زاد المعاد لابن القيم ففيه فصل مفيد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في اللباس، وكذا وكتب شروح الحديث والفقه باب اللباس والزينة لعدم مناسبة المقام لبحث هذا . وقد سبق بيان شيء من ذلك فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19905، 74415.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني