الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نذرت لزوجها نصف مرتبها ثم بدا لها أن تتراجع

السؤال

سيدة نذرت أن تساعد زوجها بنصف مرتبها طول عمرها ، وهي غير متأكدة من صيغة النذر فربما تكون قد نذرت أن تشارك في مصاريف البيت بنصف مرتبها ، فهل يعد هذا النذر نذر مباح أم نذر طاعة ، أي أنه هل يجب عليها الوفاء بالنذر أم يجوز لها إخراج كفارة يمين لأنها ندمت على هذا النذر ، كما نرجو منكم توضيح الفرق بين النذر المعلق على فعل شيء يفعله الإنسان والنذر المعلق على حدوث أمر من عند الله ، يعني إذا نذر شخص أنه لو فعل كذا فسيفعل كذا فهل حنثه في هذا النذر مثل حنثه في نذره أنه لو رزقه الله بكذا فسيفعل كذا ؟، ونريد أن نوضح لكم بأن السيدة التي نذرت النذر المتعلق بمساعدة الزوج أصبحت مهمومة بسبب أنها أصبحت تشعر بأنها حرّمت مالها الحلال على نفسها ، وأنها أخبرت زوجها فقال لها إذا كان النذر يتعلق به هو وليس بالمشاركة في مصاريف البيت أو إذا كان النذر يستطيع أن يسامح هو فيه أو يتنازل عنه حتى لو تعلق بمصاريف البيت فإنه يسامحها تماما ولا يريد منها شيئا ، إذا كان هذا يعتبر مخرجا لها من هذا النذر ، فهل يجوز ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذا النذر يعتبر نذر طاعة وليس نذر مباح فقط سواء كانت صيغته مساعدة الزوج أو مشاركته في مصاريف البيت بنصف الراتب لأنه في الحالتين آيل إلى الزوج وذلك من إعانة المسلم ومساعدته فهو في معنى الصدقة فيجب الوفاء به على نحو ما نذر ولا يجوز العدول عنه ولا تجزئ عنه الكفارة إلا في حالة العجز الذي لا يرجى زواله؛ لكنه إن كان معلقا على حصول أمر فلا يجب الوفاء به إلا عند حصول المعلق عليه

ثم إن النذر المعلق على فعل الإنسان إذا كان يقصد به منع نفسه من فعل أو حثها عليه يسمى نذر اللجاج، وصاحبه مخير بين الوفاء به أو إخراج كفارة اليمين على الراجح

أما النذر المعلق على حصول نعمة أو اندفاع نقمة مثل إن شفى الله مريضي أو إن نجحت في كذا ونحو ذلك فيجب الوفاء به إن حصل المعلق عليه ولا تجزئ فيه الكفارة.

ثم إنه ما كان ينبغي لهذه السيدة أن تقدم على النذر لأنه غير مستحب ولذلك قد يندم الناذر حين لا ينفعه الندم ولا يستطيع التخلص مما ألزم به نفسه. لكن لا ينبغي أن تهتم كثيرا فإنها لم تذهب بعيدا بنذرها فهي إنما جعلته في مساعدة زوجها ومصاريف بيتها وهي ناحية يستحب أن تساعد فيها من غير نذر، وستجد جزاء ذلك عند الله تعالى وسيبارك لها في الباقي لأن الصدقة وإن كانت تنقص المال في الظاهر فإن البركة تبقى كاملة بإذن الله تعالى.

أما فيما يتعلق بتنازل الزوج عن النذر فإن نذر الطاعة إذا تم لزم الوفاء به ولا يمكن حله ولا التراجع عنه ولو رضي بذلك الشخص الذي جعل له النذر لأن الحق هنا لله تعالى، هذا إذا كان الزوج يحتاج المساعدة بأن كان فقيرا، إما إن كان غنيا فقد اختلف العلماء في صحة النذر للغني بين قائل بصحته وجوازه وقائل بعدم صحته.

فقد قال العلامة أحمد الرملي الشافعي في حاشيته على أسنى المطالب : لو نذر التصدق على أهل بلد معين لزمه شمل ما لو كانوا أغنياء أو فقراء، أو أغنياء وفقراء لأن الصدقة على الأغنياء قربة

وذهب بعض الفقهاء إلى أن النذر للأغنياء لا يصح إلا إذا كانوا أبناء سبيل. ففي البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم في الفقه الحنفي ما نصه: وفي القنية: نذر إن يتصدق بدينار على الأغنياء ينبغي أن لا يصح. قلت : وينبغي أن يصح إذا نوى أبناء السبيل لأنهم محل الزكاة ولو قال : إن قدم غائبي فله علي أن أضيف هؤلاء الأقوام وهم أغنياء لا يصح .

فينبغي للأخت السائلة أن توفي بنذرها عملا بصحته وتحتسب أجرها على الله ولن يضيع الله أجرها فان أعطاها زوجها شيئا من المال هبة منه فلها قبوله .

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 15024، 41844، 75629، 77841 ،69172.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني