الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضابط لباس الشهرة عند العلماء

السؤال

انتشرت عند بعض الشباب المنتسبين الى المنهج السلفي ظاهرة لبس سروال قصير يرتفع فوق الكعبين ببعض السنتيمترات وذلك تفاديا للإسبال لدرجة أن هذا اللباس أصبح علامة مميزة لهؤلاء حتى أنه من الطرائف أن أعوان أمن الدولة -والتي تحارب المنهج السلفي عموما- يصطادونهم في الشوارع بسهولة. بدا لي والله أعلم أن هذا اللباس ربما يكون لباس شهرة خاصة وهو مناف للسنة حيث إن إزار الرجل إلى نصف ساقه مع مخالفته للعرف طبعا. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن حرمة الإسبال عند جمهور العلماء مقيدة بالخيلاء كما صرح بذلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من العلماء. فهل أنا محق في ما ذهبت إليه ولكم الشكر سلفا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فرفع الثياب إلى ما فوق الكعبين قليلا ليس منافيا للسنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ما أسفل من ذلك ففي النار، ما أسفل من ذلك ففي النار، لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا. رواه أحمد وأبو داوود ومالك واللفظ له.

وفي سنن النسائي ومسند أحمد : ولا حق للكعبين في الإزار.

فدل هذا على استحباب رفع الثياب إلى نصف الساق، وإباحة كونها دون ذلك إلى فوق الكعبين، والمنع من كون الثياب من الكعبين وما دونهما. ولا يصح أن يقال إن رفعهما فوق الكعبين قليلا داخل في لباس الشهرة لكون الناس لا يفعلونه، لأن ضابط لباس الشهرة عند العلماء هو مخالفة لباس أهل بلده بلا عذر؛ كما قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: ... وخلاف زي بلده بلا عذر .

ولا شك أن مخالفة الناس للسنة ووقوعهم في المنهي عنه لا يسوغ موافقتهم على ذلك، والعبرة بموافقة السنة والبعد عن المنهي عنه لا مخالفة السنة لأجل موافقة الناس، ولو قيل إن كل لباس مخالف لعادة أهل البلد يدخل في الشهرة الممنوعة لصار الحجاب في المجتمع المتعري لباس شهرة، ولا يقول هذا عاقل .

وقول السائل الكريم ( ... حرمة الإسبال عند جمهور العلماء مقيدة بالخيلاء .. ) هذا صحيح، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 5943 وأن الراجح المنع مطلقا للخيلاء وغير الخيلاء، ومع ذلك فإن من أخذ بقول الجمهور معتقدا صحته فلا حرج عليه إن شاء الله، ومن عمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية فهو مأجور إن شاء الله، وقد كان إزاره صلى الله عليه وسلم إلى نصف ساقيه كما يدل عليه الحديث الذي رواه الترمذي في الشمائل والنسائي في السنن الكبرى وجود إسناده الحافظ في الفتح، وقد قال ابن عبد البر المالكي: جر القميص وغيره من الثياب مذموم على كل حال.

ومن خاف على نفسه ضررا ممن يحارب السنة فلا حرج عليه في الإسبال ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني