الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منهج الأئمة الأربعة في الاعتقاد

السؤال

ما ردكم على من قال بأن الأئمّة الأربعة عقيدتهم توافق العقيدة الأشعرية؟أرجو من سيادتكم الرد على هذا الافتراء الذي شاع في صفحات الإنترنت، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

فإن الأئمة الأربعة كانوا على منهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد، ولم يكونوا على منهج عقيدة الأشاعرة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأئمة الأربعة كانوا على منهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد يثبتون لله معاني الصفات التي أثبتها لنفسه ويفوضون علم كيفياتها إلى الله تعالى، وقد بينا هذا جليا في الفتوى رقم: 55619، فراجعها.

ولنذكر بعض النصوص عن هؤلاء الأئمة في مجال الاعتقاد يتبين بها صحة ما ذكرنا، ومن هذه النصوص ما ذكره الإمام أبو حنيفة في كتابه الفقه الأكبر الذي رواه عنه تلميذه أبو مطيع البلخي الحكم بن عبد الله حيث قال: قال أبو حنيفة: ومن قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر؛ لأن الله تعالى يقول: الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى، وعرشه فوق سبع سماوات. قلت: فإن قال: هو كافر لأنه أنكر أن يكون في السماء لأنه تعالى في أعلى عليين، وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل. اهـ

وروى ابن عبد البر في التمهيد بإسناده عن الإمام مالك أنه قال: إن الله في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه مكان. قال: وقيل لمالك: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ فقال مالك رحمه الله تعالى: استواؤه معقول، وكيفيته مجهولة، وسؤالك هذا بدعة، وأراك رجل سوء. اهـ.

وروى ابن أبي حاتم عن الشافعي رحمه الله تعالى قال: القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء.

وروى ابن أبي حاتم أيضا عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول: وقد سئل عن صفات الله وما يؤمن به؟ فقال: لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه أمته لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها. اهـ

وقال الإمام أحمد في كتاب الرد على الجهمية الذي رواه عنه الخلال من طريق ابنه عبد الله قال: باب بيان ما أنكرت الجهمية أن يكون الله تعالى على العرش. وقال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى، قلنا لهم: ما أنكرتم أن يكون الله تعالى على العرش، وقد قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى. اهـ

فهذه بعض النصوص عن هؤلاء الأئمة، ومن تتبع أمثالها في كتب الاعتقاد والسنة تبين له الفرق الواضح بينهم وبين الأشعرية في مسائل الاعتقاد.

وننبه إلى أن الإمام أبا الحسن الأشعري نفسه قد رجع عن المنهج الذي يسير عليه الأشاعرة اليوم واتبع منهج السلف.

ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتاوى التاية أرقامها: 38987، 15695، 5719.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني