الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاكل الزوجية وحرمة التطاول على الزوج

السؤال

أنا متزوجة من أربع سنوات والحمد لله، ولكن تكثر المشاكل بشكل فظيع بيني وبين زوجي، ولولا أنه رجل طيب وهادئ ودمث الأخلاق (مع وجود عيوب بجانب هذه الميزات) لحدث بيننا مالا تحمد عقباه..
وأشعر أحيانا أن بيتنا شعلة من النار لكثرة مشاكلنا، وغالبا ما تكون الثورة من طرفي أنا لتردي الأوضاع والطموحات وما إلى ذلك..
وما يقلقني في الموضوع أني أخطئ في حق زوجي دائما بكيل السباب والشتم له وقول ما لا يجب أن يلفظ أمام إنسان فما بالك بالزوج الذي أوصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم.. وأعتقد أن ذنوبي أصبحت كالجبال بعد زواجي..
أبحث دائما عن السبب الخفي وراء كثرة المشاكل هل يمكن أن يكون السبب هو شراء بيتنا بقرض ربوي؟
أم نقص الإيمان؟ أم كون طفلنا الوحيد من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ أم ماذا؟ أشعر أن السبب ليس ماديا أو حسيا..
سؤالي هو :
كيف أتغلب على تلك المشاكل وأجعل بيتي روضة من رياض الدنيا بالحب والتفاهم؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

فالشيطان هو السبب الأول في التحريش بين الزوجين وإثارة المشاكل بينهما، فليستعيذا بالله عز وجل من كيده وليلتزما أوامر الله عز وجل، وينتهيا عن نواهيه، ثم تأتي بقية الأسباب التي ذكرتها الأخت. فالمعاصي تسبب القلق وتنغيص الحياة فيجب التوبة منها، كما أن نقص الإيمان يؤدي إلى تسلط الشيطان فيجب السعي في زيادة الإيمان بفعل الطاعات واجتناب السيئات، وأما وجود طفل معاق لهم فيستعان على ذلك بالإيمان بالقضاء والقدر واحتساب الأجر على صبرهما عليه.

ونذكر الأخت بحق زوجها عليها ووجوب طاعتها له في المعروف، وحرمة تطاولها عليه وشتمه وسبه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسبب الرئيس لما يحدث من مشاكل بين الزوجين، وحالات الطلاق التي تقع، هو كيد الشيطان وتحريشه بينهما، ففي صحيح مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً. قال: ثم يجيء أحدهم يقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته! قال: فيدنيه ويقول: نعم أنت. قال الأعمش: أراه قال: فيلتزمه.

فليستعيذا بالله عز وجل من كيده، ويلتزما أوامر الله عز وجل وينتهيا عن نواهيه، وليكونا ممن قال الله فيه: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ {الحجر:42}.

وأما الأسباب التي ذكرت الأخت فهي راجعة إلى ما ذكرنا، فالمعاصي عموما والربا من أعظمها، من كيد الشيطان، والهدف منها إغواء الإنسان، وإضلاله في الدنيا وشقاؤه في الآخرة، فيجب التوبة منها، كما أن نقص الإيمان هو أساس تسلط الشيطان على الإنسان، إذ لا يكون له سبيل على المؤمنين المتقين.

قال تعالى: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل99- 100] فزيادة الإيمان فيها حماية من الشيطان. والإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي كما هو معلوم.

وأما كونه يوجد لهم ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة، فمع الإيمان الذي من أركانه الإيمان بالقضاء والقدر، لن يكون سببا للمشاكل، بل سيكون مصدر سعادة لما يحتسبانه من الأجر على صبرهما عليه.

وأخيرا نذكر الأخت بحق زوجها عليها، ووجوب طاعتها له في المعروف، وحرمة تطاولها عليه، وشتمه وسبه، وأن ذلك من أعظم الذنوب، فالزوج من المرأة بمكان عظيم ففي الحديث: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك أو نارك.

فننصح الأخت بأن تعرف للزوج حقه، وتؤدي ما يجب له عليها من حق، وأن تقوي إيمانها وصلتها بالله عز وجل، ففي ذلك الرضاء بالقضاء، والقناعة بالقليل، وكل ما فيه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. {النحل:97} بخلاف الإعراض عن منهج الله فذلك سبب الضيق والضنك في الدنيا، والخسران في الآخرة: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى{ طه:124 }

نسأل الله أن يصلح حال الأخت ويلهمها رشدها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني