الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول أبي يوسف بعدم فساد صوم من استقاء دون ملء الفم

السؤال

قرأت فتوى للمذهب الحنفي تقول بأن خروج القيء بعمد أو بلعه بعمد لا يبطل الصيام إذا كان القيء لم يملأ الفم فما معنى لم يملأ الفم، فهل معناها خروج القيء بمقدار تقريبا سنتيمترا واحداً بحيث إذا حاول إخراجه لا يستطيع أو يستطيع ولكن بصعوبة وتكلف، فأرجو عدم إجابتي بالمسائل المشابهة لأني قد قمت بقراءتها؟ وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

فإن القول بعدم فساد الصوم بتعمد القيء أو بلعه إذا كان أقل من ملء الفم هو قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة وخالفه محمد بن الحسن فرأى أن تعمد إخراج القيء أو بلعه يفسد الصيام ولو كان أقل من ملء الفم، وهذا القول رجحه الكثير، ولم نجد من ذكر لملء الفم أو أقل منه تقديراً غير المعنى الظاهر، ويبدو أن ذلك تقريبي وليس له حد دقيق يمكن ضبطه به.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن القول بعدم فساد الصوم بتعمد القيء أو بلعه إذا كان أقل من ملء الفم هو قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة معتبراً أنما دون ملء الفم لا يعتبر خارجاً ولا يمكن ضبطه فلا يفطر استخراجه ولا تعمد ابتلاعه، وخالفه محمد بن الحسن فرأى أن تعمد إخراج القيء أو بلعه يفسد الصيام ولو كان أقل من ملء الفم وهذا القول رجحه الكثير.

ففي مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر في الفقه الحنفي وهو يذكر الأشياء التي تفسد الصيام:(أو استقاء) لقوله عليه الصلاة والسلام: من قاء لا قضاء ومن استقاء عمداً فعليه القضاء. قيد عمداً للاحتراز عن الاستقاء ناسياً للصوم إذ حينئذ لا يفسد... (ملء فمه) بالإجماع وإن قل لا يفطر عند أبي يوسف. وفي المنح هو الصحيح، لكن إطلاق الحديث ينتظم القليل والكثير وهو قول محمد، وفي رواية عن أبي يوسف أنه يفطر إلحاقاً بملء الفم لكثرة الصنع. -أي في الإدخال والإخراج- وقال ابن كمال الوزير وضعف قول أبي يوسف لكونه تعليلاً في مقابله النص لكثرة الصنع حيث استقاء وأعاد. انتهى بحذف يسير.

ثم أن قولهم ملء الفم يقصدون به ما يملء الفم حقيقة بحيث لا ينضبط عليه الفم ولذا يعدونه في حكم الخارج، قال في در االمختار: إذا كان القيء ملء الفم صار في حكم الخارج لأن الفم لا ينضبط عليه. انتهى بتصرف يسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني