الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

يشرفني أن أضع بين أيديكم هذه المسألة راجيا من سيادتكم أن تشرحوا لنا حكم الشرع فيها :
المسألة : في حادث مرور تسبب صاحب شاحنة في قتل امرأتين متزوجتين إحداهما حامل في شهرها الأخير ، توفي جنينها كذلك .
الأسئلة :1 ـ ماذا تعني الدية شرعا ؟2 ـ ما مقدار الدية في الوقت الحالي و بالعملة المستعملة الآن ؟3 ـ هل تدفع الدية حسب الحادث أو لكل نفس على حدة، و ما حكم الجنين ؟4 ـ هل الدية إلزامية و هل يمكن التدخل لتخفيض مقدارها أو التنازل عنها من طرف أصحابها خاصة إذا كان المتسبب فقيرا ؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

قد اختلف أهل العلم في تعريف الدية، وهي إلزامية إذا وجبت ولا يجوز تخفيضها إلا برضا مستحقيها، وهي في الخطأ على عاقلة الجاني وتدفع عن كل نفس. ومقدارها مائة من الإبل على أهل البوادي واثنا عشر ألف درهم من الفضة أو ألف دينار من الذهب على أهل المدن ، ويمكن التوصل إلى مقدارها بعملة البلد بالسؤال عن قيمة الإبل أو الذهب أو الفضة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن حوادث السير إذا لم يخالف السائق فيها قوانين المرور فإن ما يحصل منها يكون هدرا ولا تعويض فيه. وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 2152.

وللرد على ما طرحته من أسئلة نقول: إن الدية قد اختلف العلماء في تعريفها، فعرفها بعض الحنفية بأنها اسم للمال الذي هو بدل النفس. ومثله ما ذكر في كتب المالكية، حيث قالوا في تعريفها: هي مال يجب بقتل آدمي حر عوضا عن دمه... وقال الشافعية: هي المال الواجب بالجناية على الحر في نفس أو فيما دونها. وقال الحنابلة: إنها المال المؤدى إلى مجني عليه أو وليه أو وارثه بسبب جناية. (انظر الموسوعة الفقهية: 21/44).

ويمكن أن تراجع في مقدار الدية فتوانا رقم: 14696.

وعلى أن الأصل في الدية هو الإبل فيمكنك أن تعرف قدرها بعملة البلد الذي أنت فيه بالسؤال عن قيمة الإبل.

والدية إذا وجبت فإنها تدفع عن كل نفس، وهي إلزامية ولا يجوز تخفيضها إلا برضا من يرثها بشرط أن يكون بالغا رشيدا، وتتحملها في الخطأ عاقلة الجاني، ويكون عليه هو أن يعتق رقبة فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين والكفارة واجبة عن كل نفس.

والواجب في الجناية على الجنين إذا تبين فيه خلق إنسان غرة عبد أو أمة؛ لما في الصحيحين أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها عبد أو وليدة.

وهذه الغرة قيمتها عشر دية أم الجنين, وعشر ديتها خمس من الإبل، أو خمسون دينارا من الذهب, أو أو ألف ومائتا درهم من الفضة.

وقد اختلف العلماء فيما إذا كان على الجاني في الجنين كفارة بصيام شهرين متتابعين أم لا. والراجح عدم وجوب الكفارة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر كفارة في الحديث المتقدم.ومحل وجوب الغرة فيه هو ما إذا مات في بطن الأم، أما إذا ألقته حيا ومات بعد ذلك أو أخرج من بطنها وهو حي ثم مات وتبين أن الموت الحاصل كان بسبب الحادث فإن الواجب فيه هو دية كاملة وكفارة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني