الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع سلعة موصوفة في الذمة ببدل يعطى عاجلا

السؤال

أقوم ببيع أجهزة الحاسوب للناس بالطرق التالية: فهل يوجد بها أية حرمة أو شبهة؟
الطريقة الأولى: لا يوجد لدي محل للبيع، ولكني أتعامل مع عدة شركات، فعندما يريد أحد أن يشتري مني جهاز حاسوب أقوم بإعطائه المواصفات والسعر، وأطلب منه أن يسأل في السوق عن الأسعار والمواصفات، وإن سأل ووجد أن ما عندي هو الأنسب وطلب مني المباشرة ببيعه، أقوم بأخذ دفعة منه، ثم أشتري القطع من السوق، ثم أقوم بتركيب الجهاز وتجهيزه وتسليمه للزبون.
الطريقة الثانية: بعدما يوافق الزبون على عرض الجهاز المقدم من قبلي، أطلب من إحدى الشركات التي أتعامل معها تركيب الجهاز وتجهيزه وتسليمه عن طريقي للزبون، ويقوم الزبون بدفع ثمن الجهاز للشركة مباشرة، أو يدفعه إلي، وأنا أعطيه للشركة، وأقوم أنا بأخذ نسبة من الربح كعمولة على بيع الجهاز، ويكون السعر الإجمالي للجهاز مع العمولة يساوي أو أقل من سعر السوق، مع وجود عدة مزايا تفضيلية أيضاً أقدمها كالأمانة والمصداقية وخدمات ما بعد البيع وغيرها.
الطريقة الثالثة: أقوم أنا بشراء الجهاز من الشركة بالدين بسعر معين، ثم أبيعه بسعر أعلى قليلاً مناسب لسعر السوق أو أقل، وبعدما أقبض ثمنه من الزبون أدفع الثمن للشركة.
وكذلك الحال بالنسبة للقطع، فعندما يسألني زبون هل تبيع مثلاً محرك سيديات؟ أقول له: نعم، ثم أشتريه من السوق وأبيعه إياه بربح بسيط، وهكذا،،، فهل هذه التعاملات مباحة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا تم ضبط صفات هذه الأجهزة ضبطاً دقيقاً تنتفي به الجهالة، كأن تحدد نوعية القطع ومدى سعتها وسرعتها، وكانت هذه القطع متوفرة بالأسواق تستطيع تحصيلها بسهولة، وتم كذلك تسليم ثمنها بالكامل في مجلس العقد، فلا بأس أن تبيعها قبل أن تتملكها سواء أباشرت البيع بنفسك أو عن طريق الشركة، لأن ذلك داخل فيما يسمى بـ "بيع السلم". وقد عرفه العلماء بأنه بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً.

وأما إذا لم يتم تحديد صفاتها تحديداً يرفع الجهالة والنزاع، أو لم يتم تسليم ثمنها في مجلس العقد -كما قد ذكرت في الطريقة الأولى والثانية- أو وقع البيع على أجهزة معينة محددة، فلا يصح البيع؛ لأنه حينئذ داخل فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تبع ما ليس عندك. رواه أبو داود والنسائي.

قال مصطفى بن سعد الرحيباني في مطالب أولي النهى: (ولا) يصح (بيعُ ما) أي: شيءٍ معينٍ لا يملكه البائع، ولا أُذِن له فيه... لحديث حكيم بن حزام مرفوعا: لا تبع ما ليس عندك. رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه (إلا موصوفا) بصفات سلم (لم يعين)، فيصح لقبول ذمته للتصرف (إذا قبض) المبيع، (أو) قبض (ثمنه بمجلس عقد)، فإن لم يقبض أحدهما فيه، لم يصح لأنه بيع دين بدين، وقد نهي عنه.

وقال الشيخ البسام في كتابه تيسير العلام: قد ظن بعض العلماء خروجه -أي بيع السلم الموصوف في الذمة- عن القياس، وعدوه من " باب بيع ما ليس عندك " المنهي عنه في حديث حكيم بن حزام، وليس منه في شيء. فإن حديث حكيم يحمل على بيع عين معينة ليست في ملكه، وإنما ليشتريها من صاحبها فيعطيها المشتري، فهذا غرر، وعقد على غير مقدور عليه. أو يحمل على السلم الذي يظن المسلم أنه لا يتمكن من تحصيله وقت حلول الأجل. فأما السلم الذي استوفى شروطه، فليس من الحديث في شيء، لأن متعلقه الذمم لا الأعيان.

وأما البيع بالطريقة الثالثة التي يتم فيها تملكك للجهاز أولاً قبل أن تبيعه، فهو جائز، ولا يضر تأخير تسديد ثمنه للشركة إلى ما بعد دفع المشتري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني