الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من توقف عن الوفاء بالنذر لعارض ثم عاود الوفاء

السؤال

لقد نذرت خالتي أن تصوم أياما معينة طول حياتها وأن تصلي عددا معينا من الركعات إذا تزوج ابنها وقد قامت والحمد لله بهذا النذر وما زالت تقوم به إلا أنها تعذرت عن أدائه عند وفاة زوجها وأيضا ابنها ثم رجعت مرة أخرى لأدائه بعد أن تحسنت الظروف، فهل ما فاتها حرام وما كفارة كل ما فاتها من صوم وصلاة فى هذه الحالة فأرجو الرد ....

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

يكره الإقدام على النذر ابتداء، لكن إن حصل النذر وجب الوفاء به إن كان طاعة، وحيث إن خالتك توقفت عن الوفاء بنذرها في بعض الأيام، فإن كان ذلك لعذر قاهر فلا إثم عليها، وعليها قضاء الصلاة والصيام، وإن لم يكن لعذر فعليها التوبة إلى الله تعالى مع القضاء، ولا كفارة عليها لأنها تستطيع القضاء.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الإجابة عن السؤال نود أن ننبه إخواننا وأخواتنا على أنه لا ينبغي الإقدام على النذر، لأنه مكروه على الراجح، قال النووي في المجموع: يكره ابتداء النذر، فإن نذر وجب الوفاء به، ودليل الكراهة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً إنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذا اللفظ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل. رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كرهوا النذر. انتهى.

ومع ذلك فإذا نذر المسلم طاعة لله عز وجل من صيام أو صلاة، فإنه حينئذ يلزمه الوفاء به على نحو ما نذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.

وحيث إن خالتك توقفت عن الوفاء بنذرها في بعض الأيام، فإن كان ذلك لعذر قاهر فلا إثم عليها، وعليها قضاء الصلاة والصيام وإن لم يكن لعذر فعليها التوبة إلى الله تعالى مع القضاء ولا كفارة عليها، لأنها تستطيع القضاء..

قال ابن قدامة في المغني في معرض كلامه عن العجز عن الوفاء بالنذر: وإن عجز لعارض يرجى زواله من مرض أو نحوه، انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها لأنه لم يفت الوقت، فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال صار إلى الكفارة. إلى أن قال: وإن نذر غير الصيام فعجز عنه كالصلاة ونحوها فليس عليه إلا الكفارة لأن الشرع لم يجعل لذلك بدلاً يصار إليه، فوجبت الكفارة، لمخالفته نذره فقط، وإن عجز عنه لعارض فحكمه حكم الصيام سواء فيما فصلناه. انتهى بتصرف.

وانظري الفتوى رقم: 24077، والفتوى رقم: 107452.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني