الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القتل دفاعا عن النفس أو المال

السؤال

لو هاجمني رجل يريد قتلي، فهل لي الدفاع عن النفس، وماذا لو قتلته وأنا لا أقصد قتله إنما الدفاع عن النفس قدر المستطاع، وماذا لو لم أكن قادراً على أن أحمي نفسي إلا بقتله، وكيف نوفق بين الدفاع عن النفس وحديث كن عبد الله المقتول؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد جاء في صحيح الإمام مسلم: أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار. وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد.

قال الإمام النووي في شرحه على مسلم: فيه جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق سواء كان المال قليلاً أو كثيراً لعموم الحديث. وهذا قول لجماهير العلماء.. وقال بعض أصحاب مالك لا يجوز قتله إذا طلب شيئاً يسيراً كالثوب والطعام وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجماهير، وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف.

وقال القرطبي في التفسير عند الآية 34 من سورة المائدة: مذهب ابن عمر والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق والنعمان، وبهذا يقول عوام أهل العلم أن للرجل أن يقاتل عن نفسه وأهله وماله إذا أريد ظلما، للأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخص وقتاً دون وقت، ولا حالاً دون حال إلا السلطان. فإن جماعة أهل الحديث كالمجتمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع عن نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته أنه لا يحاربه ولا يخرج عليه. انتهى.

أما التوفيق بين حديث كن عبد الله المقتول وبين الدفاع عن النفس، فحديث كن عبد الله المقتول يدل على استحباب الاستسلام إن كان القاتل مسلماً؛ كما قرر ذلك أهل العلم...

قال العلامة زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: إن قصده مسلم ولو مجنوناً أو مراهقاً أو أمكن دفعه بغير قتله فلا يجب دفعه بل يجوز الاستسلام له بل يستحب كما أفهمه كلام الأصل لخبر أبي داود: كن خير ابني آدم. انتهى.

وأما الأحاديث الأخرى فتدل على جواز الدفع كما قدمنا عن الإمام النووي وغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني