الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام دخول الكفار لمكة والمدينة

السؤال

حرم مكة لايجوز دخوله للكفار فهل حرم المدينة النبوية لايجوز دخوله للكفار أيضاً ؟

الإجابــة

الخلاصة:

منع دخول الكفار إلى الحرم خاص بمكة، أما المدينة فإنها وإن كانت حرما فإنه يجوز دخول الكفار إليها؛ لكن لا يمكنون من الإقامة بها لأنها من ضمن جزيرة العرب التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج المشركين منها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن منع دخول الكفار إلى الحرم خاص بمكة، أما المدينة فإنها وإن كانت حرما فإنه يجوز دخول الكفار إليها؛ لكن لا يمكنون من الإقامة بها لأنها من ضمن جزيرة العرب التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج المشركين منها بقوله صلى الله عليه وسلم: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:28} فلا يقربوا: نهي، ولذلك حذفت منه النون. المسجد الحرام هذا اللفظ يطلق على جميع الحرم، وهو مذهب عطاء، فإذاً يحرم تمكين المشرك من دخول الحرم أجمع. فإذا جاءنا رسول منهم خرج الإمام إلى الحل ليسمع ما يقول. ولو دخل مشرك الحرم مستوراً ومات نبش قبره وأخرجت عظامه. فليس لهم الاستيطان ولا الاجتياز. وأما جزيرة العرب، وهي مكة والمدينة واليمامة واليمن ومخاليفها، فقال مالك: يخرج من هذه المواضع كل من كان على غير الإسلام، ولا يمنعون من التردد بها مسافرين. وكذلك قال الشافعي رحمه الله، غير أنه استثنى من ذلك اليمن. ويضرب لهم أجل ثلاثة أيام كما ضربه لهم عمر رضي الله عنه حين أجلاهم. ولا يدفنون فيها ويلجؤون إلى الحل. انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية ما نصه: اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز لغير المسلم السكنى والإقامة في الحرم؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، والمراد بالمسجد الحرام الحرم بدليل قوله سبحانه وتعالى بعده: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، أي إن خفتم فقرا وضررا بمنعهم من الحرم وانقطاع ما كان يحصل لكم بما يجلبونه إليكم من المكاسب فسوف يغنيكم الله من فضله، ومعلوم أن الجلب إنما يجلب إلى البلد والحرم، لا إلى المسجد نفسه. والمعنى في ذلك أنهم أخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم منه، فعوقبوا بالمنع من دخوله بكل حال. ... واختلفوا في اجتياز الكافر الحرم بصفة مؤقتة، فذهب الشافعية والحنابلة وهو قول عند المالكية: إلى منع دخول الكفار إلى الحرم مطلقا، لعموم الآية. فإن أراد كافر الدخول إلى الحرم منع منه. فإن كانت معه ميرة أو تجارة خرج إليه من يشتري منه ولم يترك هو يدخل. وإن كان رسولا إلى إمام بالحرم خرج إليه من يسمع رسالته ويبلغها إياه. فإن قال: لا بد لي من لقاء الإمام وكانت المصلحة في ذلك خرج إليه الإمام، ولم يأذن له بالدخول. وإذا أراد مشرك دخول الحرم ليسلم فيه منع منه حتى يسلم قبله. قال الشافعية والحنابلة: وإذا دخل المشرك الحرم بغير إذن عزر ولم يستبح به قتله، وإن دخله بإذن لم يعزر وينكر على من أذن له. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني