الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوسل المشروع والتوسل المذموم

السؤال

ما حكم قول هذا البيت الشعري:
"توسل بالنبي فكل خطب يهون إذا توسل بالنبي"
ويقال إن قائله علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- وأنا أشك في ذلك، ولذلك أريد منكم فتوى بشرعية قوله والاستدلال به؟
وإذا كان هناك حديث أو آية تنفي هذا البيت أرجو ذكرها.....
وفقكم الله لما فيه صلاح الأمة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذا البيت الوارد في السؤال منسوب إلى على بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن لا يثبت عنه بأي إسناد، وجهالة إسناده تفيد عدم صحته، وهذا الكلام مخالف للتوسل المشروع، لأن التوسل المشروع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: التوسل بأسماء الله وصفاته. كما قال تعالى: وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {الأعراف:180}.

الثاني: التوسل إلى الله بالأعمال الصالحات كأن يتوسل الإنسان بإيمانه بالله عز وجل لأنه من الأعمال الصالحة؛ كما قال تعالى: رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:16}، وكما هو ثابت في حديث الثلاثة الذين انحدرت عليهم صخرة فسدت عليهم الغار، فدعوا الله بصالح أعمالهم حتى انفرجت عنهم الصخرة وخرجوا يمشون.

الثالث: التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح، وذلك لما ثبت في صحيح البخارى عن أنس رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه كان اذا قحطوا استسقى بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون.

ومعنى هذا الخبر: أننا كنا نقصد النبي صلى الله عليه وسلم ونطلب منه أن يدعو لنا، والآن وقد انتقل النبي إلى الرفيق الأعلى، فنحن نتوجه إليك ونقصد عم النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لنا. وليس معنى الحديث أنهم كانو يتوسلون بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بذات العباس لأنه لو كان الأمر كذلك لما احتاجوا أن يتوسلوا بالعباس، ولكان كافيا أن يقولوا في دعائهم نتوسل إليك بذات النبي أو بجاه النبي، وهذا لم يحدث.

أما التوسل غير المشروع فهو التوسل بالذات أو بالجاه أو بالحرمة أو نحو ذلك، كما هو الحال في البيت المذكور وليس هناك أي دليل صحيح صريح يؤيد هذا النوع من التوسل، بل الأحاديث الواردة في هذا إما صحيحة لكنها غير صريحة في هذا التوسل كحديث عمر السابق، وإما أحاديث وحكايات تصرح بالتوسل لكنها كلها غير صحيحة كحديث: توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم، فهو حديث باطل لا أصل له كما بين ذلك ابن تيمية في القاعدة الجليلة.

وإذا أردت الاستزادة أخي السائل في موضوع التوسل وبيان الشبهات الواردة والرد عليها فعليك بكتاب التوسل أنواعه وأحكامه. للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني