الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنايات الطلاق مبنية على النية

السؤال

حصل خلاف شديد بيني وبين زوجتي مما اضطرني لقول كلمة : أنت طالق ، أنت طالق وكانت الثانية للتأكيد
ثم راجعتها بعد أيام . فهل تعتبر هذه طلقة واحدة أم طلقتان؟.
ثم حصل خلاف ثان بيننا حيث أرادت زوجتي الذهاب إلى طبيب الأسنان لتقويم أسنانها لتشوه فيها، فقلت لها بل اذهبي إلى طبيبة فرفضت متعللة بعدم كفاءة الطبيبات فاشتد الخلاف حتى أقسمت عليها: والله العظيم لن تذهبي لهذا الطبيب إما أنا أو هذا الطبيب فقالت في غضب، الطبيب. وبعد أن هدأ الخلاف ومرت أيام ذهبت إلى طبيبة ولم ترتح لها فألحت علي أن نذهب لذلك الطبيب قصد أن يشخصها فقط لتقارن بين الطبيبين، ثم لن تعد إليه ففعلنا. فهل تعتبر هذه طلقة أم لا يلزمني إلا كفارة يمين؟ .
ثم حصل خلاف ثالث حول عمل زوجتي في أحد المصانع فأقسمت عليها: والله العظيم لن تعملي في هذا المصنع إما أنا أو العمل في هذا المصنع فتشبثت برأيها بدافع حالتنا المادية فقلت لها أتريدين أن أحنث في يميني، وبعد هدوء الخلاف سمحت لها بالعمل وباشرته فعلا لمدة 4 أيام فقط. فهل تعتبر هذه طلقة أم لا يلزمني إلا كفارة يمين؟
وآخر خلاف حصل بيننا سببه أختها وزوجها فأقسمت عليها: والله العظيم إذا ذهبت إلى منزل أختك فاعتبري نفسك كما تعرفين ( ولم أنطق بكلمة الطلاق ) وبعد جدال عاودت قسمي وقلت لها والله العظيم إذا ذهبت إلى منزل أختك فلا تعودي إلى هذا المنزل بل اذهبي مباشرة إلى منزل أهلك. ( زوجتي لم تذهب بعد إلى منزل أختها).
فهل تعتبر هذه طلقة أم لا يلزمني إلا كفارة يمين أم أنه أخذا بالاحتياط لا تذهب؟.
و في بعض الأحيان وبعد المشاجرة أقول لها : المرأة التي مثلك لا أريدها أو أنت لا تلزميني أو نحن لسنا لبعض أو دار أهلك تنتظرك أو غدا تحملين أغراضك وتذهبين لأهلك ( علما أنها لم تذهب لأهلها في الغد ) أو حياتنا كلها مشاكل لا فائدة في استمرارنا مع بعض أو حياتنا لا تطاق كل منا في حال سبيله. حدث كل هذا وأنا لا أذكر كيف كانت نيتي.
أفتونا مأجورين فنحن الآن نشك في عدد الطلقات أخشى أن تكون زوجتي قد حرمت علي أرجوكم أفتونا في أقرب وقت ممكن.
ملاحظة: كل الخلافات كانت في حالة غضب شديد فإني سريع الغضب وذاكرتي ضعيفة حيث أني لا أذكر وأشك هل كانت نيتي للتخويف والمنع أو للطلاق، وهل إن كانت غلبة الظن للطلاق فهل يقع الطلاق أم أن الشك قليلا كان أم كثيرا لا يغير الحكم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية ننبه إلى خطورة تساهل الزوج في الطلاق والتفوه به لأتفه الأسباب وأقل خلاف فقد يؤدي ذلك إلى أن تحرم عليه زوجته وتبين منه، وقد عد بعض أهل العلم من موجبات الفراق بين الزوجين كثرة حلف الزوج بالطلاق ولهذا قال الناظم:

وكثرة الحلف بالطلاق * فسق وعيب موجب الفراق

إذ لا يؤمن بقاؤهما على غير زوجية، وعصمة النكاح آكد من التلاعب بها وتعريضها للهدم، وقد أمضى عمر بن الخطاب طلاق الثلاث في عهده تأديبا للناس لما تساهلوا في أمر الطلاق، فالحذر الحذر من ذلك.

وأما ما سألت عنه فلا بد من عرضه مباشرة على أهل العلم أو عرضه على القضاء لما فيه من تشعب وما يحتاجه من استفصال، ولكن من باب الفائدة نقول: إن جملة ما ذكرت مما كان بينك وبين زوجك ليس فيه طلاق صريح منجز غير الطلاق الأول قولك أنت طالق وهو لا يحسب إلا طلقة واحدة لأن الجملة تأكيد كما ذكرت.

وأما مسألة الطبيب وهي قولك إما أنا أو الطبيب فهذا من قبيل الكناية فإن كنت قصدت الطلاق فهو طلاق، وإن قصدت الزجر والتعنيف فلا يكون طلاقا، واليمين كفارتها كفارة يمين لوقوع الحنث فيها بذهابها إلى طبيب.

وكذلك مسألة العمل في المصنع مثل مسألة الطبيب تماما.

وعلى فرض أنك قصدت إيقاع الطلاق باختيارها للطبيب والعمل فتكون تلك ثلاث طلقات بالطلقة الأولى، وبهذا تحرم الزوجة وتبين، وإن لم يكن قصد الطلاق فلا تحسب طلاقا.

وكذلك مسألة أختها فما نطقت به لها هو من قبيل الكناية أيضا، ولكنها لم تخالفك كما ذكرت، وإن كنت قصدت الطلاق فلا ينبغي لها فعل ذلك، وإن فعلته طلقت منك، ومن الكناية أيضا ما ذكرته من الألفاظ كقولك لا تلزمين أو المرأة التي مثلك لا أريدها وهكذا، فما تيقنت من هذه الألفاظ أنك قصدت به وقوع الطلاق فهو طلاق، وكذلك إن غلب على ظنك ذلك، وأما مجرد الشك فلا يعتبر ويلغى ويبقى على الأصل وهو عدم قصد الطلاق، والغضب لا يمنع وقوع الطلاق ما لم يصل إلى درجة فقد الوعي والإدراك.

وعلى كل فلا بد من عرض هذه القضية على أهل العلم مباشرة أو على القضاء لمعرفة ما يلزم فيها وما يترتب على ما كان منك من أحكام شرعية. وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74558، 3174، 6146، 26937.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني