الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترفع صوتها على زوجها وتشتمه وتدعو عليه فهل يطلقها

السؤال

لا أدري من أين أبدأ ولكني تزوجت من بنت صالحة كنت أحسبها كذلك، فهي محافظة على الصلوات, ولكن المشكلة تكمن ـ والله على ما أقول شهيد ـ في أنها تسيء الظن بكل من حولها فأدني كلمة ولو كانت بمزاح تحتمل عندها كل تفسير سيئ حتى تصير تلك الكلمة مشكلة ( تعمل من الحبة قبة) وعند حدوث أي كلام بيني وبينها تسب وتلعن ولم تعتذر من ذلك ولم ترجع عنه، ولقد تدرجت معها في العقوبة ولم ترجع حتى وصلت إلى ضربها ذات مرة ولم ترجع عن ذلك أيضا, ولخوفي عليها ذكرتها مرات عديدة ووعظتها وخوفتها من عقوبة فضول الكلام, وبأن المؤمن ليس بشتام ولا لعان ومع ذلك تعود إلى هذا الفعل أحيانا.
المشكلة الثانية : هذه الزوجة تريد أن تعمل مع العلم أنا ظروفنا المادية يسيرة والحمد لله وحجتها أن العمل يساعدها أن تكون سعيدة ونفسيتها مرتاحة.
وافقت على ذلك واشترطت عليها أنّه إذا رزقنا الله بمولود فعليها أن تمكث بالبيت سنة ونصفا أو سنتين لرعاية وتربية هذا المولود وبعد ذلك إن وجدنا امرأة مسلمة ترعى ابنتنا - مع أنني غير مقتنع بهذه الفكرة- تبدأ بالبحث عن عمل بما لا يخالف الشرع.
وقد رزقنا الله ببنت ولله الحمد وبعد ثلاثة شهور أرادت أن تعمل وتترك ابنتنا ذات الثلاث شهور عند امرأة مسلمة تعرفها فرفضت وذكرتها أن مسؤوليتها الأولى تربية ورعاية ابنتنا وأنّا اتّفاقنا لم يكن ذلك، فهددتني بطلب الطلاق وأنّها ستأخذ الطفلة معها، ترفع صوتها دائما علي وتصرخ ثم تشتمني وتدعو عليّ وأني ظالم قاطع لرحمها، وإنّي أشهد الله أنني بدلت قصارى جهدي للإحسان إليها وأجتهد لتحسين خلقي ومعاملتي لها، وتدعو عليّ بأن يقطع الله رحمي...- مع العلم أنني قد حذرتها دائما بأن عليها أن تحترم والدي وأنّ لوالديّ حق عظيم.
ولقد بدأ يتسرب إلي قلبي مشاعر البغض والكره ناحيتها بسبب هذا الأمر وأخشى أن أظلمها بالطلاق ولا أدري ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيرا {النساء: 34}.

وقال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا {النساء: 35}.

فبين بهذا سبحانه وتعالى مراتب تأديب المرأة إذا نشزت على زوجها.

وأن هذا التأديب يمر بمراحل ثلاث:

أولها: أن يعظها بأن يلين قلبها بتذكيرها بثواب الله لها إن أطاعت زوجها، والتحذير من غضب الله إن عصت زوجها.

وثانيها: الهجر في المضجع ، والأصل أنه يكون في البيت، وقد يكون خارج البيت إن احتاج الأمر، وهذا يختلف باختلاف الأحوال ، والمقصود الإصلاح.

ثالثاً:ً الضرب غير المبرح، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: هو ما ليس بشديد ولا شاق ولا مؤثر. .

فإذا لم تجد هذه الوسائل معها فينبغي أن تستعين بمن له تأثير على هذه المرأة من أقاربها لإصلاح حالها، وليس لها الخروج من بيتك إلا بإذنك إلا لضرورة، وما ننصحك به هو الصبر عليها ومحاولة إصلاحها حفاظا على أسرتكما وبيتكما فإن لم يستقم الحال فربما كان الطلاق خيرا من البقاء، وقد قال الله تعالى: وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

وليس فيه ظلم إذا اتقيت الله تعالى وأديت ما عليك، لكن لا ننصح بالاستعجال بالطلاق كما أسلفنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني