الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الأراضي الأميرية

السؤال

عندنا في فلسطين ما يعرف بالأرض الميرية، وهي الأرض التي تملكتها الخلافة العثمانية، حيث قامت دولة الخلافة بتوزيع الأرض على الناس على سبيل الهبة للذكر مثل الأنثى، ولا زال العمل بهذا في المحاكم الشرعية عندنا، حيث إذا مات شخص وترك أرضا ميرية قامت المحكمة بتوزيع الأرض على أولاده للذكر مثل الأنثى، فما هو الحكم الشرعي فيما تفعله المحكمة الشرعية في الحالتين الآتيتين:
1- في حال ملكت الدولة العثمانية أصحاب هذه الأرض للأرض؟
2- في حال أن الدولة أعطتهم إياها على سبيل الإعارة ثم تعود لأملاك الدولة متى شاءت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأرض الأميرية هي التي تعود ملكيتها لبيت مال المسلمين ولم تقسم على الفاتحين المسلمين وبقيت رقبتها ملكا للدولة الإسلامية وأعطيت منفعتها لمن يقيمون عليها، وأصل ذلك يعود إلى عهد عمر بن الخطاب عندما فتح العراق ولم يقسم الأراضي المفتوحة على المقاتلين، وإنما أبقى رقبتها ملكا لبيت مال المسلمين، فالذي يملك التصرف في الأراضي الأميرية هو الحاكم المسلم، وليس له إقطاعها أو تمليكها عند المالكية والشافعية والحنابلة وخالفهم الأحناف في ذلك، وإذا صارت مواتا فهي لمن أحياها.

جاء في الموسوعة الفقهية: يجوز للإمام أن يدفع الأرض الأميرية للزراعة إما بإقامتهم مقام المالك في الزراعة وإعطاء الخراج، أو إجارتها للزارع بقدر الخراج، وعلى هذا اتفق الأئمة.

وأما إقطاعها أو تمليكها فمنعه المالكية والشافعية والحنابلة لأنه صار ملكا عاما للمسلمين، وأجازه الحنفية اعتمادا على أن للإمام أن يجيز من بيت المال من له غناء في الإسلام، كما أن له أن يعمل ما يراه خيرا للمسلمين وأصلح، والأرض عندهم بمنزلة المال. وعلى هذا، فمن يلغي إقطاعها لا يجيز تمليكها أو إرثها أو إرث اختصاصها وإنما منافعها هي التي تملك فقط، فله إيجارها وللإمام إخراجها عنه متى شاء.

وبناء على هذا.. فإن هذه الأرض في كلتا الحالتين المسؤول عنهما لا تورث، وإنما تنتقل منفعتها إلى ورثة الميت حسبما يقرره الحاكم المسلم، وله أن يسوي بين الذكر والأنثى إذا رأى المصلحة في ذلك لأن اجتهاد الحاكم مربوط بمصلحة الرعية. قال الدردير: والكلام فيها للسلطان أو نائبه، ولا تورث لأنها لا تملك ولو مات أحد الفلاحين وله ورثة وقد جرت العادة بأن الذكور تختص بالأرض دون الإناث -كما في بعض قرى الصعيد- فإنه يجب إجراؤهم على عادتهم على ما يظهر لأن هذه العادة والعرف صارت كالإذن من السلطان في ذلك.

وهذا عند الجمهور -كما تقدم- أما عند الحنفية فإذا مُلِّكت هذه الأرض لمن هي بيده صارت ملكا له ودخلت في الميراث الذي يقسم بعد وفاته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني