الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

في بعض دول الخليج نجد مسألة الكفالة للأشخاص فنجدهم أحيانا يسيؤون معاملة كفلائهم الموظفين سواء بالكلام أو في غيره، ونجد بعض الكفلاء مستبدين ولا يعطون الموظفين حقوقهم كاملة ولا يعطونهم أجورا عالية رغم ارتفاع الأسعار والغلاء الحاصل في العالم، ورغم يسر أحوالهم المادية ورغم دخلهم العالي ما شاء الله، وذلك من تعب الموظفين هؤلاء وفوق هذا وذاك يتهمونهم بأنهم كسالى في عملهم وبأنهم لا ينتجون كما يجب والله يعلم بأنهم يدخلون دخلا جيدا يوميا، وإذا حصل وذهب هذا المكفول ليبحث عن عمل جديد ووجد وبراتب أفضل بثلاث أضعاف من شركة أخرى وحوافز وكل ما يطلبه الموظف كونه مغتربا عن أهله وذويه فيتقدم بأوراق نقل كفالة إلى كفيله ليرد عليه بكل جبروت وطغيان بلا، ومن كلامه: أن نظام شركته لا تسمح بهكذا إجراء وبأنها عملية مستحيلة ولو مهما كانت الظروف وأنت تشرح له وضعك يروح قائلا لا يعنيني ويرددها بكل كبر وازدراء وبوقاحة فترد عليه متعجبا من قوله أنت تعمل لتؤمن لقمة عيش هنيئة لك ولأهل وأولادك فلما تحرمها على موظفيك، وان كنت تحبنا وتريد بقاءنا معك فحسن أوضاعنا ليرد قائلا: هذا ما لدي أو اذهب من حيث أتيت وغير آبه طبعا وحتى قانون العمل يقف إلى جانبه طبعا وذلك من خلال قانون العمل الذي ينص إذا جرى إلغاء إقامتك لن تعود الا بعد سنتين وكتاب لا مانع من الكفيل وغيرها هذا كثير وأنا أخبرك بقصتي وقصص كثر ممن أعرفهم ولم أنسج قصصا من خيالي والله على ما أقول شهيد، فياشيخي الفاضل؟ ألا يرجعنا قانون الكفالة هذا إلى زمن العبيد ما قبل الإسلام حين كان الطغاة في الأرض يستعبدون الخلائق ولا يسمحون لهم بفعل أي شيء إلا ليرجعوا إليهم ويستأذنوا منهم، فمثلا أن أردت أن تخرج رخصة سوق سيارة مثلا عليك أن تأتي بكتاب من كفيلك وإن أردت السفر لا تخرج من البلد الا بكتاب من كفيلك أليس بالأحرى أنا تكون الكفالة على الدولة وليس الأفراد ومع هذا يقوم بإرسال نسخة للعقد لإدارة العمل سليم ويخفي عليهم أنه في تعاميم يكون فيه إجحاف بحق الموظف وما زاد الطين بلة أن المكفول لا يستطيع أن يذهب ليشتكي وإن ذهب فإن العملية ستطول أشهرا وهو لا يقدر على الصبر لأن هناك في بلده من ينتظرون منه المصروف الشهري وأنا أعلم أن الرزق على الله وهذا فقط ما يصبرني هي آية في كتاب الله العزيز بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وفي السماء رزقكم وما توعدون صدق الله العظيم.
فسؤالي يا شيخي الفاضل ما هو الحكم الشرعي للكفيل هل هذا حرام أم حلال، وهل المكفول من المستضعفين في الأرض، وما هو حكم أصحاب القرار من المشايخ والعلماء أو حتى أصحاب السلطة وهل هناك شيء ليفعله المكفول في مثل هذا الوضع فهو يحرمه من الإجازة إلا بعد سنتين وبراتب والله قليل فأنا أعلم أن هذا هو رزقي من الله حين حدد طول أجلي وشقي أم سعيد وحدد رزقي فنعم بالله والحمد لله على كل حال من الأحوال ولكن ما يقض مضجعي يا شيخي الفاضل غلاء الأسعار التي أرهقتني والله وأتعبتني فنحن ذوو دخل محدود والتزامات كثيرة والله المستعان على ما يصنعون بنا.
أنا أعتذر على الإطالة وأطال الله في عمرك وجميع القائمين في هذه الشبكة الإسلامية وجعلنا ممن يحملون كتبهم بأيمانهم ويجعلنا ممن يجتمعون على حوض النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم وأن يقر عيوننا برؤية نور وجهه الكريم واجتياز صراطه المستقيم لنيل الجنة نحن وآباؤنا وإخواننا وذوونا والمسلمين جميعا... قولوا معي آميـن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا أنه لا حرج شرعا في استخدام نظام الكفالة إذا كان ذلك لغرض صحيح كتنظيم أمر العمالة ونحو ذلك ، فراجع الفتوى رقم: 9593. وقد نبهنا بهذه الفتوى وغيرها من الفتاوى على أنه لا يجوز أن يستغل هذا النظام للإجحاف بالأجير وهضم حقوقه ، بل الواجب أن يؤدي إليه حقه كاملا ، ويمكنك مراجعة الفتويين: 29159، 45401.

وبما أن المكفول قد دخل ذلك البلد والتحق بالعمل المعين بمقتضى عقد بينه وبين كفيله فيجب عليه أن يلتزم بمقتضى هذا العقد، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.

ولهذا المكفول أن يطلب من كفيله زيادة في الأجر أو موافقة على نقل الكفالة لجهة أخرى أو نحو ذلك مما هو مشروع في حقه فإن وافق الكفيل فبها ونعمت، وإلا فليصبر ويستمر معه على هذا الحال، أو لينهي تعاقده معه ويبحث عن سبيل آخر فأرض الله واسعة ، ولا ينبغي للمسلم أن يرهن أمر رزقه ببلد معين أو بشخص معين فإن هذا من ضعف التوكل على الله تعالى.

ونظام الكفالة وإن حدث فيه شيء من الحيف والظلم في أصله أو في تطبيق الكفيل له فلا يجوز أن يُشبَّه بالرق، فإن هذا من التلاعب بألفاظ الشرع على وجه لا يرتضى. فالرقيق يباع ويشترى، ولا يملك مالا ،... إلى غير ذلك من أحكام تختص بالرقيق ، والمكفول ليس كذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني