الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سفر الزوج للكسب وإنفاق ما يدخره في سداد ديون أخيه

السؤال

تزوجت منذ أربع سنوات وزوجي معتاد السفر للعمل بالخارج, لكن قبل الارتباط اتفقنا أنه لن يسافر مرة أخرى وأنه سيستقر؛ لأننا عانينا من السفر أثناء فترة الخطوبة أي 5 سنوات قبل الزواج كانت كلها مشاكل وحاولت كثيراً أنهي الارتباط لكني فشلت, لأنه قريبي ويعود ويعتذر عما كان لا أريد الإطالة, نزل إجازة مرتين بعد الزواج وكل مرة يحدث حمل ولا يستمر هذه إرادة الله، لكن أنا أحمله ذنب عدم إنجابي إلى الآن أعرف أنه نصيب، لكن أخذا بالأسباب وأنا تعبانة جداً لسفره، إخوانه مستنفدون كل قرش بجيبه في مشاريع غير مضمونة، إما سلف لن ترجع أو شراكة خاسرة، كل مرة يسافر وينزل بعد مشاكل كثيرة بسبب تدخلهم في حياته وحياتي وأطلب الانفصال، وهذه المرة أشهدنا الله أنه سوف يسافر آخر مرة ليكون معنا ما يجعلنا مستورين وقبل السفر أخذ أخوه منه مبلغا ونحن نعلم أنه لن يعود، وبعد السفر فاجائني أنه اضطر لإعطائه آخر مبلغ يملكه وأنه سوف يعطيه مبلغا آخر يدخره حتى يفك به (زنقته) لأنه دخل مشروعا وعليه ديون وعمل مشروعا آخر غير مضمون بالمرة ليسدد هذه الديون، فهل من الحلال أن يتركني زوجي وأنا كارهة للسفر وبعده عني جداً وتعبانه نفسيا جداً من أجل المال ثم يعطي ما معه وما سوف يقبضه لأخيه؟ أقسم بالله: أنه له أخ وأخت لا يملكون قوت يومهم وأحثه دائما على إعطائهم وتسديد دينهم وهو بطبعه خير لكن إحساسي بحرماني منه بسبب أن يحضر مالا ويستقر معي ثم يرميه فى مشروع جربه نفس الأخ سابقا وفشل وتداين بمبالغ طائلة، أنا لا أريد فلوسا أريد أن أستقر وأعيش مع زوجي أليس حراما ما يفعله زوجي، وهل هذا يرضي الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالضرب في الأرض لتحصيل الرزق مما أذن الله فيه، قال تعالى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ {المزمل:20}، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}، ولكن على الإنسان أن يكون حكيماً في التصرف فيما يرزقه الله، ويرتب الإنفاق بترتيب الشرع، قال صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك وبمن تعول. وأولاده وزوجته في المقدمة من ذلك، وعليه أن لا ينخدع بإغراءات استثمار وهمية من أناس غير ذي خبرة أو أمانة، وأن يقنع بما رزقه الله به ويكفيه لسد بعض حاجته الضرورية ويساعده في معاشه.

فالواجب على زوجك أن يقوم بواجباته نحوك وأن يؤدي إليك حقك الذي كفله الله لك، ومنه أن لا يغيب عنك أكثر من ستة أو أربعة أشهر بغير رضاك لغير ضرورة، فقد سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً امرأة تشكو إلى الله نيران فرقة زوجها، وعلم عمر أنه في الجهاد فأمر ألا يبعد الرجال في الجهاد أكثر من أربعة أشهر يعودون فيها إلى زوجاتهم، والأصل في الزواج السكن والمودة والقربى التي تكون بين الزوجين، وأعلمي زوجك أن المال لا يأتي بكل شيء يريده الإنسان وخير له ولك أن يعود لأسرته التي قاربت على التشتت والتفرق.

وأما عن إعطائه المال لأخيه فهذا من حقه ولا ينبغي الوقوف في وجهه ضده ما لم يتبين سفهه، مع أن الأولى بإعطاء المال الأشد حاجة من الأقارب، فانصحي زوجك بالحرص على حفظ ماله وعدم تعريضه للفساد، وعظيه أن الله تعالى كما يحاسب على كسب المال يحاسب عن كيفية إنفاقه.

والخلاصة: أنه لا يحق لك طلب الطلاق ولا يعد زوجك ظالماً لك ما دام يوفر لك نفقتك وكسوتك ولا يغيب عنك أكثر مما أذن له فيه الشارع، وتراجعي في ذلك الفتوى رقم: 43742.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني