الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدروس المستفادة من سورة المسد

السؤال

ما هي الدروس المستفادة من سورة المسد؟ وهل هي عامة في كل من قام بفعل أبي لهب؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن الدروس المستفادة من هذه السورة الكريمة ما ذكره الشيخ أبوبكرالجزائري في أيسر التفاسير:

1- بيان حكم الله بهلاك أبي لهب وإبطال كيده الذي كان يكيده لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

2- لا يغني المال ولا الولد عن العبد شيئا من عذاب الله إذا عمل بمساخطه وترك مراضيه.

3- حرمة أذية المؤمنين مطلقا.

4- عدم إغناء القرابة شيئا من الشرك والكفر؛ إذ أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو في النار ذات اللهب اهـ.

وقال ابن كثير في تفسيره: قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة، فإنه منذ نزل قوله تعالى: سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ. وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ. فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يقيض لهما أن يؤمنا، ولا واحد منهما لا ظاهرًا ولا باطنًا، لا مسرًا ولا معلنًا، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة على النبوة الظاهرة. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين في مطلع تفسير هذه السورة: هذا القرآن فيه من الدلالات الكثيرة ما يدل دلالة واضحة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حق، ليس يدعو لملك ولا لجاه، ولا لرئاسة قومه...

ثم لا شك أن كل من تشبه بأبي لهب وامرأته في أفعالهما يكون لهما نصيب من هذا الوعيد لهما بقدر شبهه بهما، فإن الله حكم عدل، قال تعالى: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ {الأنعام: 132} وقال سبحانه: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (الأحقاف: 19).

فكل من كفر وكذب يناله الوعيد ولا تنفعه قرابة نبي ولا غيره.

ولكن لا يمكن أن يشبه أحد أبا لهب من كل وجه، فإنه كان عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان ـ كما يقول السعدي ـ: شديد العداوة والأذية للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا فيه دين، ولا حمية للقرابة -قبحه الله- فذمه الله بهذا الذم العظيم، الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة. اهـ.

فمثلا أخوه أبو طالب كان كافرا مثله إلا أنه كان يحمي النبي صلى الله عليه وسلم ويدفع عنه، فجازاه الله على ذلك، فقد قال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أغنيت عن عمك ؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار. رواه البخاري ومسلم.

في حين كان أبو جهل – مثلا - كأبي لهب في العداوة والأذية، بل أشد، حتى وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه فرعون هذه الأمة، كما في مسند أحمد. ولكنه لم يكن قريبا للنبي صلى الله عليه وسلم كأبي لهب، فلم تكن عداوته في القبح والشناعة كعداوة أبي لهب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني