الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقصير الزوج في الإنفاق على زوجته

السؤال

مشايخنا الكرام، عندي سؤال يؤرقني وهو عن زوجي فأنا امرأة عاملة وزوجي ميسور الحال وهو شحيح, يضطرني للإخراج من مالي في ما يتعلق بواجباته وأنا نفقته علي فلا تتجاوز المأكل البسيط جدا مع أنه قادر, أضطر في أحيان كثيرة إن اشتهيت شيئا أن أشتريه بنفسي، أما الكسوة فأبدا لا تعنيه بل بالعكس يحبس ماله ويحرص عليه ويظل يحسب لي كم بقي وكم لا بد أن يضيف من عنده ليشتري شيئا, مثلا: سيارة أو شيئا آخر، يأخذ كل مالي من أجل كماليات وهو يكنزه لا أدري لما ذا خصوصا أننا نملك السكن والسيارة، ولا أستطيع التوقف عن العمل لخوفي من المستقبل مع زوج مثله، وكذا لأني أعين أهلي من دون علمه لأنه لا يحب هذا، ولله اشتهيت إحساسا بالأمان من زوجي وهدية طيبة تشرح صدري....
أرشدوني ماذا أفعل وبالأحرى اكتبوا ردا يكون رسالة له لأريه إياه ....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالبخل من الصفات الذميمة التي نهى الشرع عنها، قال صلى الله عليه وسلم: ..واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم.. صحيح مسلم، وقد حث الإسلام على الكرم والجود، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفاً. متفق عليه. رواه البخاري ومسلم.

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك. متفق عليه .

وقد أمر الله الزوج بحسن عشرة زوجته، قال تعالى: ..وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ..{النساء: 19}

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ..اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. رواه البخاري ومسلم.

وقد وعد الله من ينفق على أهله الأجر على ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيّ امرأتك. متفق عليه.

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. صحيح مسلم.

فما ذكرته السائلة من تقتير زوجها في الإنفاق على أهله، سلوك ذميم وخلق غير قويم، وهضم لحقها عليه، فإن من حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ..ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.

وقد رخص النبي للزوجة إذا كان زوجها بخيلاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها وأولادها بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.

ولا يلزم الزوجة شيء من النفقة مهما كان عندها من مال، ولكن إن أنفقت المرأة عن طيب نفس، فهذا أمر طيب وهو من حسن العشرة وكرم الخلق، ومحل ذلك ما لم يكن الزوج قد اشترط عليها شيئا من المال مقابل سماحه لها بالخروج للعمل، وإلا فإنه يلزمها من ذلك ما وافقت عليه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.

وما ذكرته السائلة من معونتها أهلها بمالها فهو من البر والإحسان الذي يحبه الله، وأما كون ذلك من غير علم زوجها، فقد اختلف أهل العلم في جواز ذلك ولكن الراجح الجواز.

وننصح السائلة أن تصبر على سلوك زوجها ولا تقابله بتقصير في حقه، فإن حق الزوج عظيم، وعليها أن تتلطف في نصحه وتوجيهه إلى الخلق الطيب، مع الاستعانة بالله ودعائه، فإن الله قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني