الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع الزكاة للشقيق الغارم

السؤال

س: هل أعطي زكاة مالي لأخي المديون بقرض يسدد منه 1500 ريال شهريا من راتبه، والذي يسدد منه إيجار 1400 شهريا ويصرف بقية راتبه المقدر بحوالي 5500 ريال ومع هذا الغلاء لا يستطيع أن يصل به الراتب إلى آخر الشهر رغم أني لن أخبره عن أنها زكاة مالي؟
س2: لي أسهم واكتتابات الأسهم لم تصل إلى رأس مالي فقد خسرت ولم أربح والاكتتابات كلها في شركات تحت التأسيس. أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بيّن الله مصارف الزكاة وحصرها في ثمانية فقال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 60}.

فالغارمون صنفٌ من هذه الأصناف، والغارم هو المدين الذي لا يجدُ وفاء لدينه إذا كان قد استدان لمصلحة نفسه، وإذا كان أخوك بهذه الحال التي ذكرت فدفعك الزكاة إليه جائز لأنه من الغارمين، بل قد يكون هو أولى بها من غيره لقوله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. قال الذهبي إسناده صحيح وصحه الألباني.

وأما عدمُ إخباره بأنها زكاة، فقد نص العلماء على أن إخبارَ آخذ الزكاة بأنها زكاةٌ لا يجب، بل قد يكون الأولى عدمُ إخباره.

قال النووي رحمه الله: إذا دفع المالك أو غيره الزكاة إلى المستحق ولم يقل هي زكاة، ولا تكلم بشيء أصلا أجزأه، ووقع زكاة، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور، وقد صرح بالمسألة إمام الحرمين – أي : الجويني - ، وآخرون. انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله: وإذا دفع الزكاة إلى من يظنه فقيراً لم يحتج إلى إعلامه أنها زكاة، قال الحسن: أتريد أن تقرعه لا تخبره، وقال أحمد بن الحسن: قلت لأحمد: يدفع الرجل الزكاة إلى الرجل فيقول: هذا من الزكاة، أو يسكت، قال: ولم يبكِّته بهذا القول يعطيه، ويسكت، ما حاجته إلى أن يقرعه .انتهى .

لكن إذا عُلمَ من حالِ آخذِ الزكاة أنه لا يقبلُ زكاة المال فإخباره حينئذٍ واجب لأنه لا يُدخلَ في مُلكه ما لا يرضى دخوله فيه.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله: إذا أعطى الإنسان زكاته إلى مستحقها: فإن كان هذا المستحق يرفض الزكاة ولا يقبلها فإنه يجب على صاحب الزكاة أن يخبره أنها زكاة؛ ليكون على بصيرة من أمره إن شاء رفض وإن شاء قبل، وإذا كان من عادته أن يأخذ الزكاة فإن الذي ينبغي أن لا يخبره؛ لأن إخباره بأنها زكاة فيه نوع من المنَّة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى . انتهى.
وأما بالنسبة لزكاة الأسهم فهي واجبةٌ إذا توفرت فيها شروط الوجوب وقد بينا حكم زكاة الأسهم في فتاوى كثيرة ، وانظر الفتوى رقم: 102844.

وسواءً ربحت هذه الأسهم أو خسرت فالزكاةُ واجبة طالما أن قيمتها لم تنقص عن النصاب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني