الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدا زوجها يسيئان إليها وهو لا يحرك ساكنا

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، تزوجت منذ أكثر من سنة من شاب يبلغ 31 عاما، أحببت فيه أخلاقه تدينه وعلمه وحبه الكبير لدينه ووطنه كما بدا لي، أحببته من قلبي وتحديت الناس للزواج منه فاعتبرته زوجي وحبيبي وكل شيء في حياتي، كان شعار حياتنا معا نصنع حياتنا معا نحو الجنة، اخترنا أسماء لأطفالنا في المستقبل وحلمنا بهم وهم يحصلون على أعلى المراتب العلمية والدينية، مشكلتي تكمن مع زوجي بحضور أهله فأنا أحترمهم منذ البداية ولكنهم للأسف لم يحبوني قط يحاولون دائما تحطيمنا ويتمنون فراقنا، فعندما نذهب لزيارتهم يبدأ أبوه بسبي وشتمي بكل الصفات المكروهة ويهددني بضربي ويعطيني الأوامر وكذلك أمه تأمرني كأني أمة رغم أني أفعل ما في جهدي لمساعدتها كل هذا وزوجي لا يحرك ساكنا، وعندما يأتون عندنا يفعلون نفس الشيء وأكثر فأبوه كل ما يهمه في الدنيا المال فقط رغم أنه غني جدا فهو يطمع في ابنه، تخيلوا أن زوجي حصل على منحة مالية أعطاها لأخيه ليبدأ مشروعه التجاري وأبوه طلب من زوجي أن يعطيه شيكا بمبلغ كبير قيمة ما صرفه عليه أثناء دراسته تخيلوا، رغم كل ما يملك من مال إلا أنه يطمع في مال ابنه الذي هو في أمس الحاجة إليه علما بأنه في بداية مشواره المهني ويهدده إن هو لم يعطه سيفضحه أمام الناس وزملائه في العمل، أنا لم أر في حياتي والدين أكثر أنانية منهما، بل يجب على الآباء مساعدة أبنائهم إذا كانوا ميسورين، أنا لا تهمني الأموال بقدر ما يهمني زوجي وسعادتي معه، فليأخدوا المال ويتركوننا لشأننا، في هذه الأيام وهم عندنا في منزلنا جاءت أمي لتزورني من مدينة أخرى، وبنفس الأسلوب عامل أمي التي لم تكن تعلم بشيء فقد كنت أخبئ عنها كل شيء وأصبر من أجل زوجي رغم أنه لم يدافع عني ولو لمرة بل كان يضربني في بعض الأحيان ويعاملني كالخادمة ليرضي والديه وأنا صابرة, أبوه قال لي إنه لن يتركني قبل أن أصبح مجنونة أنتف شعري سبحان الله, حتى لما قذف المحصنات ومس شرفي وشرف أمي واتهم شرفنا ومس كرامتنا لم ينطق بكلمة بل لما وصلت الجرأة بأبيه أن يطرد أمي، دفع زوجي أمي وضربني بقوة وقال صحيح ما قاله أبي وأنا الفتاة التي تحب حجابها ولا تنظر أو تسلم على الرجال احتراما وحبا لزوجها، فأنا أعامل زوجي بكل احترام وحب وإحسان وحنان بشهادته هو، فهل يوجد زوج على البرية يمس شرف زوجته وهو ساكت، لقد ضيع كل شيء وضيع أحلامنا الجميلة، والداي لم يرضيا بما حصل وطلبا منه أن يطلقني، فالحمد لله أنا طالبة هندسة ومستقبلي زاهر والكثير من الشباب يتمنونني، أمي تقول لي إن العرق دساس وكيف سأربي أبنائي في تلك البيئة رغم أن زوجي مستواه الدراسي عال ولكنه لم يفعل شيئا عندما نزع أبوه سرواله أمامي وأمام أمي وهو ينظر بدون أن يفعل شيئا، انظروا إلى قلة الاحترام والتصرفات اللاأخلاقية, سامحوني على الجرأة ولكن للأسف هذه هي الحقيقة، أنا الآن في بيت والدي، كلمني زوجي وقال إنه لا يزال يريدني رغم أنه لم يعتذر عما فعله، أنا الآن حائرة بين مستقبلي الزاهر ودراستي وزوجي الذي رغم كل ما فعله بي، فأفيدوني بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعله والد زوجك من قذفك وقذف أمك هو من كبائر الذنوب التي تجلب لعنات علام الغيوب جل في علاه، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23}، وهو بفعله هذا قد استحق وصف الفسق، قال سبحانه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}، واستحق أيضاً وصف الفسق بسبك وسب أمك، قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق... متفق عليه.

وخلعه لسراويله أمامك وأمام أمك وقاحة وسوء أدب وفعلة قبيحة يستحق عليها التعزير البليغ من الحاكم، وصمت زوجك على تصرفات والديه معك ذنب غير مبرر، بل ومشاركة في هذا العدوان، فليس من العدل أن يراهما يفعلان ما يفعلان وهو صامت، بل يجب عليه أن يردهما عن ظلمك والبغي عليك والعدوان على حقوقك، وأن يكف أذاهما عنك، ولا يعتبر هذا من عقوقهما بل من البر بهما أن يكفهما عن الظلم، ولكن عليه أن يراعي التلطف في المعاملة معهما لعظيم حقهما عليه.. وعلى كل حال فإن تيقنت أو غلب على ظنك أن زوجك قد ندم على فعله وتقصيره وأنه فعلا سيرد الأذى والعدوان عنك في المستقبل فارجعي إليه.

وأما إن غلب على ظنك أنك إن رجعت فسيتكرر ما حدث وسيظل زوجك على سلبيته وصمته وكنت مع ذلك لا تطيقين الصبر على هذا فإنا ننصحك بطلب الطلاق لأن هذا من الضرر الذي يجوز طلب الطلاق، قال خليل في مختصره: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. وقال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً، كهجرها بلا موجب شرعي وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيراً من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها. انتهى... وللفائدة في الموضوع راجعي الفتويين التاليتين: 54675، 108165.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني