الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صبر الفتى عمن يحبها لحين القدرة على الزواج

السؤال

ابني في الخامسة عشرة من عمره صارحني بأنه يحب ابنة صديقتي وهي شابة تقربه سنا؛ متحجبة لها أخلاق؛ حين صارحها بحبه لها قالت له بأن لها شروطا لقبول هذا الحب وهي أن لا يقول لها كلاما فاحشا وألا يطلب منها أن تخرج معه لأي مكان وألا يحاول لمسها، قبل ابني بالشروط ولكنهما يلتقيان في جلسات أو لقاءات تربوية و دينية تهم الشباب والشابات في نفس سنهما, ابني يقول بأنه سيظل يحبها هكذا من بعيد إلى حين يصبح قادرا على الزواج منها؛ أعرف أن ابني مراهق ولكن ما حكم الشرع بالنسبة لما يحس به تجاه هذه الشابة. أسألكم بالله أن تشفوا غليلي بجواب شاف إن شاء الله حتى يرتاح ضميري وجعله الله لكم جوابا شافعا يوم القيامة .
آمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الرجل إذا قُذف في قلبه حب امرأة فاتقى الله تعالى وغض طرفه، وكف نفسه عن الحرام حتى إذا وجد سبيلاً إلى الزواج منها تزوجها فلا حرج عليه في ذلك إن شاء الله، بل له أجر الصبر عن معصية الله وكف النفس عن الحرام ونهيها عن الهوى، قال سبحانه: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبهِ وَنَهَى النفس عَنِ الهَوَى فَإِن الْجَنة هِيَ الْمَأوَى {النازعات40- 41}.

ولذا فإن ما يجده ابنك من حب تجاه هذه الفتاة له حالان:

أولا: أن يكون قادرا على النكاح وتحمل مسؤولياته، ومع ذلك يخشى على نفسه الوقوع في الحرام حينئذ عليه أن يسارع بالزواج, ويمكنكم أن تساعدوه إذا كانت لديكم القدرة على ذلك، ولا تقيموا وزنا للعادات والتقاليد التي جرت بعدم زواج الولد في هذه السن؛ لأن مخالفة العادات أهون من الوقوع في الحرام، واعلموا أن الزواج هو أفضل علاج لما في قلبه من حب لهذه الفتاة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتاحبين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وصححه الألباني..

ثانيا: إذا لم يجد سبيلا للزواج من هذه الفتاة فإنه يجب عليه الصبر، ولا يجوز له حينئذ أن يتحدث معها ولا أن يجلس إليها، وهذا ما نص عليه الفقهاء، فقد صرح فقهاء الشافعية بحرمة ابتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام، وكذا ردها عليه، وكرهوا ابتداء الرجل لها بالسلام، وعللوا التفريق بينها وبينه أن ردها عليه أو ابتداءها له مطمع له فيها. وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها -أي على المرأة الشابة- لم ترده دفعاً للمفسدة.

ولأن هذا أيضا ذريعة لتعلق قلبه بها أكثر وأكثر, وهذا فيه ما فيه من المفاسد، وقد يجر للعشق المحرم الذي يفسد القلب ويضيع مصالح الدين والدنيا ولا يؤمن في هذه الحالة الوقوع في الحرام – عياذا بالله - وخصوصا أنهما في سن المراهقة وهي سن حساسة وخطيرة.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 97377، 94281 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني